وجهل أهلال رمضان ميقاتا لشهر الصيام ولا يضاف ذلك إلى القمر، فكذلك جعل انتقال الشمس إلى البروج الصيفية ميقاتا لبحر الهواء وانتقالها إلى البروج الشتوية ميقاتا لبرد الهواء وانبساط نور القمر على الرطاب ميقاتا وحالا لنشوئها ونموها، وانبساط حر الشمس على الثمار ميقاتا وحالا لطيها ونضجها، ولا يضاف شيء من ذلك إلى الشمس ولا إلى القمر، ولا يدعى فعلا لهما ولا لواحد منهما.
ولذلك قال الله عز وجل:{ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، واسجدوا لله الذب خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} وبالله التوفيق.
فإن قيل: فما تقولون في إضافة النحوس والسعادة إلى الكواكب؟
قيل: قد قال الله عز وجل في قصة عاد: {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر}. وقال:{في أيام نحسات}. جاء في بعض الأخبار التي تؤثر عن جبريل صلوات الله عليه: يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، وعن الأربعاء التي لا تدور فعلنا بيان الشريعة أن من الأيام نحسا، والذي يقابل النحس هو السعد فإذا ثبت أن بعض الأيام نحس، ثبت أن بعضها سعد، والأيام في هذا كالأشخاص، منها مسعودة ومنها منحوسة، ومن الناس شقي وسعيد. فإن لصاق أحد الكواكب إلى أنها تسعد باختيارها أوقاتا أو أشخاصا أو تنحسها، فقد قال باطل.
وإن قال: إن الكواكب طبائع وأمزجة مختلفة وتلك أيضا يتغير منها اتصال بعضها ببعض وانفصال بعضها عن بعض فطرة فطرها الله تعالى عليها، فإن ما فيها من هذه المعاني ينادي بتوسط الشمس والقمر إلى الأرض وما فيها، فأي شيء منها كان هو المبادئ إلى أن الأجسام الأرضية كانت الآثار التي تحدث عن ذلك فيها بحسبها.
فقد يكون منها ما وصلت إلى الأبدان كانت سببا للأسقام، وقد يكون منها ما يكون فيضرب سببا للصحة والسلامة، وقد يكون منها ما إذا وصل إلى الأرواح والنفوس كانت سببا لحسن الخلق وبدل المعروف والأنصاف والرغبة في الخير، ويكون ما إذا وصلت إلى ما ذكرنا كانت سببا للهيج والظلام والأقدام على الشر. فهذا قد يكون إلا أن يكون كل ذل إذا أفعال الله جل ثناؤه وأقداره لا صنع للكوكب فيها.