للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ليقع بذلك تنزيهه عن التخيلات الباطلة والأوهام الفاسدة. وإن قال: رأيت في المنام، صدقي في أن الله جل ثناؤه أراه في المنام ما يقول، ليقع بذلك تنزيهه عن درجة الذين يحملون في منامهم بما لا أصل له والله أعلم.

فصل

ومما يجب معرفته في هذا الباب معنى النبوة وتفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة". والفرق بين النبي والرسول فنقول- وبالله التوفيق-: أن النبوة أسم مشتق من النبأ وهو الخبر، إلا أن المراد به في هذا الموضع خبر خاص وهو الذي يلزم الله عز وجل به أحدا من عباده فيميزه بإلقائه إليه عن غيره، ويوقفه به على شريعته بما فيها من أمر ونهي ووعظ وإرشاد ووعد ووعيد، فتكون النبوة على هذا الخبر والمعرفة بالخبرات الموصوفة التي ذكرتها، والنبي هو المخبر بها.

فإن أنضاف إلى هذا التوفيق أمر تبليغه إلى الناس ودعائهم إليه، كان نبيا رسولا. وأن ألقي إليه ما ذكرنا ليعمل به في خاصته، ولم يؤمن بتبليغه والدعاء إليه كان نبيا ولم يكن رسولا، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا.

ثم أن الأنبياء صلوات الله عليهم يخصون وراء ما وصفت بآيات يؤكدون فيها ليتميزوا بها عمن ليس مثلهم كما تميزوا بالعلم الذي أوتوه. فيكون الخصوص وأفعالهم من الوجهين ألا أن ما في حيز التعليم فهو النبوة، وما وقع في حيز التأييد فهو حجة النبوة. والخصوص من قبل التعليم قد يكون في الجهة التي منها يلقون العلم، وبه تكون في العلم التي تلقى فيهم، والواقع من ذلك في جهة العلم وجوه منها وهو أعلاها: درجة تكليم الله عز وجل من كلم منهم، قال الله عز وجل: {وكلم الله موسى تكليما} وقال: {هل أتاك حديث موسى إذا ناداه ربه بالواد المقدس طوى، إذهب إلى فرعون إنه طغى} وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>