إخوانهم من الإنس بالمعارضة بعد أن يجدوا، وقيل:{لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}.
وإذا لم يفعلوا وأسلموا اخوانهم للقتل والسبي، دل ذلك على أنهم عاجزون عن معارضة صاحبهم، وإذا وجب ذلك، صح أن صاحبهم في العجز مثلهم، وإنه لم يأت به من عند نفسه، فعاد الأمر إلى أنه جني أمده الله بمعجزة فشهد على احقاق رجل من الإنس مما يدعيه من رسالة ربه، فيقبل ذلك منه ويعترف بالصدق له، ولا فرق بين أن يرسل الله رسولا، ويقرن برسالته حجة يتولى اقامتها بنفسه، وهي أن يقيض معجزة ليصدقه في أن تصديقه واحد في الحالين.
فإن كانوا كما قالوا: فالجن الذي أخذ عنه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بزعمهم، إذا صاحب معجزة! وقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع من القرآن وشهد له بالنبوة والرسالة، فوجب القبول منه وتصديقه، فقد بان تكذيبه وإجراؤه في إعداد الكهان عاد موجباً لتصديقه، ثم الإعتراف له بكل حال.
فإن قيل: ما أنكرتم أن توابع الكفار من الجن كانوا قادرين على معارضته ألا أنهم لم يفعلوا الآن الحرب، كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين كفار الإنس، وأما الجن فكانوا منه في راحة.
قيل: فالجني الذي وضع القرآن بزعمكم للنبي صلى الله عليه وسلم، لما وضعه له؟ أكان غرضه فيه، ولم يكن يرجع اليه من يوجه امره يقع، ولا فائدة!
فان قال: هذا وإن كان هكذا، فقد كان يجوز أن يحمله موالاته إياه واختصاصه به على أن يريد تمكينه وإعلاء أمره، فيكيد له أضداده بمثل هذه المكيدة!
قيل: فهلا حمخل توابع الكفار موالاتهم إياهم، واختصاص كل واحد منهم بواحد من الكفار على أن يريدوا نصرهم والدفع عنهم وإعانتهم مما كان نازلا بهم بمعارضة يكيدون بها صاحبهم الذي كاد الكفار بالقرآن لأجمل محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا قادرين عليها يزعمك، وما الفضل؟
ذكر الكلام في شهب القذف: وهي من جملة آيات السماء الدالة على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم