ومن قرأ {بزينة الكواكب}، والتنوين والجر، جعل الكواكب تفسيراً للزينة، وذلك ما يدفع ما أوجبته القراءة الأولى، لأن كل نقطة بيضاء هي عند العرب كوكبة.
وكذلك من قرأ {بزينة}، فنون الكواكب فنصب، وأراد بزينة جعلنا الكواكب لأنها تصلح أن يكون المراد بالكواكب في هاتين القراءتين الشعل التي أيدت بها الحراس، بل ذلك هو الذي لا ينبغي غيره، لأنه لا يجوز أن يقرأ الآية الواحدة قراءتين متضادتين، فيكون المراد بأحدهما خلاف المراد بالأخرى.
وقد بينا أن قرأ بالإضافة والجر فلا تخرج قراءته إلا على أن يراد بها زينا السماء بالزينة التي هي الكواكب. فلم يجز أن يكون المراد بالتنوين والجر، والتنوين والنصب، زينا السماء بالكواكب أنفسها، لأن زينة الكواكب غير الكواكب كما أن زينة كل مزين غيره، ويدل على هذا أن الله عز وجل ذكر السماء ذكرا مطلقاً والكواكب التي يراد بها النجوم هي في الأفلاك خاصة، وليست مثبوته في السماء كلها، فهذا يدل على أن المراد بها الشعل التي هي أشباه الكواكب، وليست بالنجوم.
وأما قوله عز وجل:{وحفظاً من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى} ثم قال: {إلا من خطف الخطفة فأتبعته شهاب ناقب}. فإبان أن القذف إنما هو الشهاب الذي هو النار لا يكون من كواكب الأفلاك، ولم يذكر الله عز وجل في موضع من كتابه أن القذف لا يكون إلا بالشهاب وهو النار، فكان ما ذكرنا مفسراً في عامة الآيات موافقاً لما أحمل في قوله عز وجل:{وإنا لمسنا السماء فدجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً} والله أعلم.
ثم أن السلف اختلفوا في أن قذف الشياطين كان مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان ذلك امراً حدث لمبعثه، فروى الزهري عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عنه ابن عباس رضي الله عنهم قال: (بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في نفر من أصحابه إذا رمي بنجم فاستنار، فقال: ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية؟ قالوا: كنا نقول: يولد عظيم أو يموت عظيم! قال: قال: فإنها لا ترمي لموت أحد ولا لإحيائه، ولكن ربنا تبارك اسمه إذا