وعن عبد الملك بن سابور قال: لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم حرست السماء ورميت الشياطين بالشهب، ومنعت من الدنو من السماء.
وعن أبي كعب رضي الله عنه، قال: لم يرم نجم منذ رفع عيسى حتى نبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بها، فرأت قريش أمراً لم تكن تراه، فجعلوا يسيبون أنعامهم ويعتقونه برقابهم، يظنون أنه الفناء، فبلغ ذلك من فعلهم أهل الطائف، ففعلت ثقيف من ذلك، فبلغ عبد قابيل بن عمر، فأصفت ثقيف فقال: فلم فعلتم ما أرى؟ قالوا: رمي النجوم فرأيناها تتهافت من السماء، قال: إن إفادة المال بعد ذهابه شديد فلا تعجلوا وانظروا، فإن تكن نجوم تعرف فهو عيد فيأمن الناس، وإن كانت نجوماً لا تعرف، فهو أمر حدث، فنظروا فإذا هي لا تعرف، فأخبروه، فقال: في الأمر مهلة، فهذا ظهور نبي، فما مكثوا إلا يسيراً، حق قدم أبو سفيان على أقواله فجاءه عبد بابل فذكراه أمر النجوم، فقال أبو سفيان: ظهر محمد بن عبد الله، يدعي أنه نبي مرسل. قال عبد بابل فعند ذلك رمي بها.
وعن نافع بن جبير، قال: كانت الشياطين في الفترة، تستمع فلا ترمى، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بالشهب.
فهذا القولان من السلف في الظاهر مختلفان، وقد يحتملان التوقيف، فقال: إن الذين قالوا أن الشياطين لم تكن ترمي بالنجوم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رميت، أي لم تكن رمي من جانهب ولا ترمي من جانب.
ولعل الإشارة بقوله عز وجل:{ويقذفون من كل جانب دحوراً ولهم عذاب واسب} إلى هذا المعنى، وهو أنهم كانوا يقذفون إلا من بعض الجوانب، فصاروا يقذفون من كل جانب، وكانوا لا يرمون إلا في بعض الأوقات، فصاروا يرمون واصباً، وإنما كانوا من قبل كالمنجسة من الإنس يبلغ واحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره، ويسلم واحد ولا يسلم غيره، بل يقيض عليه فيعاقب وينكل به، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم شدد عليهم، وزيد في حفظ السماء، واعدت لهم شهب لم تكن من قبل ليدحضوا عن جميع