للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوانب السماء ولا يقعدوا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها، فصاروا لا يقدرون على سماع شيء مما يجري فيها، إلا أن يختطف أحد منهم بخفة حركته خطفة فيتبعه شهاب ثاقب، قبل أن ينزل إلى الأرض إلى إخوانه فتحرقه فيطلب من فلك الكهانة وخلصت النبوة والرسالة والله أعلم.

ومعنى ما يجري في هذا الأخبار من أسماء النجوم ورميها إلى ما هو في رأي الغير كالنجم لأن ذلك الذي فيضيء لونه لون النجوم، وإلا فليس بنجم على الحقيقة، لأن النجوم لا تكون في جميع السماء، وإنما تكون في الأفلاك.

وقد أخبر الله عز وجل أن شهب القذف قد ملأت السماء فهذا يدل على أنها ليست بنجوم على الحقيقة، ويدل على هذا أيضاً أن الذي يخر لا يكون كوكباً كالكواكب، ولكنه لا يظهر إلا في حال الانخراز.

فيدل ذلك على أنه شعلة يرمى بها من السماء إلى جهة الأرض، فإذا فارقت حد السماء هاوية ظهرت، وإذا اتصلت بالرمي فاحرقته جمدت، ولو كان ذلك كوكبا بالحقيقة لكان مرتباً في مكانه قبل القذف، ويعاد إلى مكانه بعد إحراق من يرمي، وثبت في موضعه، وأيضاً فإن انكدار النجوم وانتشار الكواكب في مواعيد يوم القيامة، فلا يسبقه كما لا يسبقه تكوين الشمس ولا طي السماء وبالله التوفيق.

ومعنى ما قيل من أن السماء لم تكن تحرس في قبل هذه الفترة، أي لم تكن تحرس الحراسة الشديدة كما تكون في زمن النبوة إذا بعث نبي وزيد في الحراسة، وأكثر من القذف كان ذلك أنه لبعث ذلك الشيء، فتكون الكهانة الفاشة قبل بعثه منقطعة ذاهبة كمبعثه والله أعلم.

وقد تكون الزيادة في الحرس والشهب عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وجه آخر، وهو أن معجزته الناشئة الباقية كانت القرآن، والقرآن من خبر السماء، فلو لم يحرس السماء حتى لا تصل الشياطين اليها ولا سمع ما يجري فيها أصلا لأدى ذلك إلى اختلاف أمر النبوة ولم يقع القرآن من قبل النبي صلى الله عليه وسلم موقع المعجزة. لأن الشياطين كانت تسمع القرآن فينزل به إلى الكهان فيقرأه الكهان على الناس، كما يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم ويزول حكم الحجة، كما تسمع منه لأنه يصير مشاركاً فيه من ليس بنبي، فكان يقرن حجته

<<  <  ج: ص:  >  >>