وأما الملائكة، ما هم؟ فإن من الناس من ذهبوا إلى أن: الأحياء العقلاء الناطقون فريقان: إنس وجان، وكل واحد من الفريقين صنفان: أخيار وأشرار. فأخيار الإنس أبرارهم، ثم ينقسمون إلى رسل وغير رسل، وأشرارهم يدعون فجاراً، ثم ينقسمون إلى كفار وغير كفار.
وأخيار الجن يسمون الملائكة، ثم ينقسمون إلى رسل وغير رسل، وأشرارهم بدعون شياطين، ثم قد يستعار هذا الإسم لفجار الإنس تشبيهاً لهم بفجار الجن، وقد يحتمل هذا القسم وجهاً آخر: وهو أن الجن منهم سكان الأرض، ومنهم سكان السماء، فالذين هم سكان السماء يدعون بالملائكة الأعلى ويدعون بالملائكة. والذين هم سكان الأرض هم الجن بالإطلاق، وينقسمون إلى أخيار وفجار، ومسلمين وكفار.
وإنما قيل الملأ الأعلى ملائكة، لأ، هم مستصلحون للرسالة التي تسمى الركام أكثر الناس على الملك أصله ملاك، وإن ملاك مقلوب وليس نبياً مستقيم، وإنه قيل لواحد من الملائكة ملاك بمعنى أنه موضع للرسالة لكونه مصطفى مختار للسماء أن يسكنها، أو كانت الرسالة منها تأتي سكان الأرض، ومن ذهب إلى هذا قال: أخبر الله عز وجل أنه أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس، ولم يكن من الملائكة، لم يكن لاستثنائه منهم معنى، ثم قال في آية أخرى:{إلا إبليس كان من الجن، ففسق عن أمر ربه}.
فأخبر أنه لعنه ورجمه وأخرجه من السموات، وإبان أن المأمورين بالسجود كانوا طبقة واحدة، إلا أن إبليس لما عصى ولعنه صار من الجن الذين يسكنون الأرض، ولا سبيل لهم إلى مخالطة الملأ، فكان العدل من الإنس يفسق أو يرتد فيعصى وينفذ ويدعى فاسقاً وخبيثاً وفاجراً، بعد أن كان يسمى عدلاً وبراً وتقياً والله أعلم.
وأيضا فإن الله عز وجل حكى عن الكفار أنهم قالوا: ولد الله وإن الملائكة بناته، وجعلوا بينه وبين الجن نسباً، فدل ذلك على أن الملائكة من الجن، وأن النسب الذي