قيل: قد يسمي الله هذا اليوم يوم الدين، وهو الحساب والجزاء، فإذا لم يكن الجزاء متقضياً لم يكن يومه متقضياً.
فإن قيل: فما معنى قول الله عز وجل: {في يوم كان مقداره ألف سنة}.
قيل: لم اجمع الله المسلمين على ما ذكرت لم يجز أن يكون يوم الدين مقداراً إلا أن يقول قائل: إن له أياماً كل يوم منها خمسون ألف سنة من أيام الدنيا، فيكون أدعى ما لا يعرف يوم القيامة، ولا يقول له عليه دليل. وإن احتاج إلى بيان ما يقع به النصل بين الأيام لا يمكن أن يقول: إن لها ليالي، وإن أراد أن يقول غيرها لم يجده.
وإذا كان الأمر على ما وصفت، بان هذا التقدير إنما هو لعروج الملائكة والروح من الأرض إلى الله جل ثناؤه لأن مفتتح هذه الآية:{تعرج الملائكة والروح إليه}. في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون فيحتمل أن يكون هذا المعنى: أنها تبارك من السماء إلى الأرض ثم تعرج من الأرض إلى السماء الدنيا من يومها، فتنقطع ما لو احتاج الناس إلى قطعة من المسافة لم يقطعوها إلا في ألف سنة مما تعدون، وينزل من عند العرش إلى الأرض ثم يعرج منها إلى السماء من يومها.
ولو احتاج الناس إلى قطع هذا لمقدار من المسافة لم يقطعوها إلا في خمسين ألف سنة مما تعدون، وليس هذا الأمر من تقدير يوم القيامة يسأل، وهو لا متصل بما قبله من هذه السورة أو بعده، ولكنه من صلة قوله:{من الله ذي المعارج}. فإنه لما وصف نفسه بذي المعارج بين أن هذه المعارج لملائكته، فقال:{تعرج الملائكة والروح إليه}. أي إلى حيث جعله مضافاً لهم حول العرش في يوم كان مقداره ألف سنة، ثم قال:{فاصبر صبراً جميلا إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا}.
فعاد إلى ذكر العذاب الذي وصفه في أول السورة بأنه واقع وليس له دافع