يبلغ غايته ويثمر أجل في هذا المعنى للبيضة بفارق الناقص، فيجري عليها حكم الموت ثم يخلق الله تعالى منها فرخا حيا، فهل هذا الأحياء الميتة وهو أمر مشاهد والعلم به ضرورة.
قال قائل: الحب والنوى والبيض كلها حية لبقاء الرطوبة الأصلية فيها، فلذلك تنبت الحبة والنوى ويخرج البيض الفرخ. ألا ترى أن البيض إذا استوى، والحب إذا قلى، فلم يكن من ذاك فرخ ولا من هذا نبات!
فالجواب: أن البيض ميت فلذلك يعفن ويفسد بتطاول الزمان عليه، والحي لا يعفن بمرور الزمان، ولا الفرخ الذي يحدث من البيض يحدث ولا حياة به إلى أن تنفخ فيه الروح فيصير حيا، فلو كان البيض حيا لكان إذا انقلب فرخا ينقلب فرخا حيا. ولو كانت النطفة حية لكانت إذا انقلبت ولدا ينقلب حيا، ولما كان الأمر بخلاف ذلك ولم يكن بين الحياة والموت واسطة، علمنا أن الحال السابقة لنفخ الروح لم تكن إلا الموت وبالله التوفيق.
وأما الحب والنوى، فإن الماء الذي هو سبب حياة الأشجار منقطع عنهما، وليس يتوقع أن تحدث فيهما زيادة بعد ما جفا ويبسا، فكانا كالميت الذي انقطع الغذاء عنه، ولا يتوقع أن يكون له نشوء وثمر، فلم يجز وصفهما مع ذلك بالحياة. وأما الرطوبة التي فيهما فإنما هي الدهنية، ومعلوم أنه لا سبيل إلى استخراج الدهن من اللب الرطب فعلمنا أنه قد مات إذا صار أن يسيل منه الدهن فقد فارقته المائية بواحدة فلا منه ماء ولا هو يفرض أن يستمد من الماء فيزداد مقداره، فعلمنا أنه قد مات وبالله التوفيق.
وأما أن البيض بعدما يستوي والحب بعدما يقلى لا يكون من أحدهما فرخ ولا من الآخر شجر. فجوابه أن ذلك ليس أن الله تعالى لا يقدر أن يخرج من هذا فرخا، ولا من ذلك شجرا، فإن الله عز وجل خلق آدم صلوات الله عليه من صلصال كالفخار، ولكنه لم تجر العادة بذلك كما لم تجر العادة بأن يخلق إنسانا لا من أبوين، ولو شاء لخلق، كما خلق آدم صلوات الله عليه من صلصال كالفخار، ولكنه لم تجر العادة بذلك كما لم تجر العادة بأن يخلق إنسانا لا من أبوين، ولو شاء لخلق كما خلق آدم لأمر مثله.
والأصل أن وجود خلق البشر من الله دليل قاطع، على أنه تعالى قادر على مثله وعدم