للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إن الاعتراض إنما وقع علينا بأشياء مستخرجة من القرآن، وأخبار الرسول. وإذا بينا أن مصادرها غير ما ظن وجوهها، ليس ما قدر، سقط السؤال عنها.

وإن أفردنا ما قال عن أن سنوه إلى ربنا ونبينا، وكان جوابنا له: إن وجوب ما خبر الجزاء إلى دار أخرى يتفرع عندنا عما وضع الله حكمه وشرعه عليه، وذلك بما قام الدليل عندنا على أنه من عند الله تعالى. فإن سلمت لنا معانه ما كتبناه لازم لك، وإن أنبت كان الكلام معك في النبوة وما يشتمل عليها من الأوضاع والأحكام وأفراد البعث بالكلام فضل وبالله التوفيق.

فصل

وسأل سائل فقال: أرأيتم أن من كان في الدنيا خالط الطاعة بالمعصية، وكان ينحل جسمه ويعتل وقتا، فكيف يحشر؟ فإن قلتم: يحشر أعظم ما كان جسمه فقد أجزتم أن يعاقب على السيئات التي أخرجها في حال الدقة والنحولة أجزاء من بدنه حدثت بعد تلك الجرائم، ولم يكن لها في اقترفها نصيب.

وإن قلتم يحشر أنحل ما كان جسما وأدقه، فقد أجزتم أن يخلوا الأجزاء التي زادت في بدنه عند العظم، والعفو له من ثواب الطاعات التي عملها في تلك الحال، ولو جاز أن يخلي بعض أجزائه من الثواب لجاز نحلها، كلها، فإن جاز ذلك فليجز أن لا يبعث أصلا!

فالجواب: أنه يجوز أن يقال: الله تبارك وتعالى أن أدخله النار عذبه على كل ذنب أتاه، وهو ناحل أصلا، وعلى كل ذنب أتاه، وهو عند العظم. فأما إذا صاره إلى الجنة، فإنه لا ينجل عليه فيثبته بما أتاه من الطاعات، وهو ناحل أصلا، لأن التفضل بالإحسان كان منه، وإن كان الإشراف في العقاب غير واقع منه، فيجعله في الجنة عبد ليصل إليه ثواب ما عمله من الخير في جال عبولته باسم الجزاء، ويكون بنعم أجزائه الزائدة على ما كانت عندما عمل من الخير، وهو ناحل ابتداء، فضل من الله تعالى لا جزاء بالحقيقة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>