تصحيح قوله: "أنه لم يجد في المعاد الذي يصفه ذكرا في التوراة، ولا عنه خبرا عند اليهود، فمن له بالتوراة حتى نحاكمه إليها؟
فإن الذي في أيديهم يدعون أنه التوراة فيها مغازي موسى عليه السلام ووفاته وحزن قومه عليه، وفيه من تعجيز الله وتكفيره وتشبيهه بخلقه، وتكفيره هارون، ورميه باتخاذ العجل ما لا يمكن أن يكون منزلا من عند الله تعالى.
فإن كان ذكر المعاد لا يوجد فيها فلا خير فإن الجناية في حد ما أنزل من عند الله وإسقاطه أيسر منها في التقول على الله وإضافة ما ليس في تنزيله إلى تنزيله، علما أني سمعت عالما من علمائهم يقول: أن الله تعالى يقول في التوراة لموسى أني رفعت القتل عن النافين من الذين اتخذوا العجل فأخرت أمرهم إلى قوم علمه عندي، فإذا جاء ذلك اليوم كنت بجزائهم بصيرا، وسألت عن الكتب المنزلة بعد موسى، فأخبرني أن ذكر البعث بعد الموت فيها كثير.
وأن يوشع بن نون عليه السلام يسأل الله تعالى أن يريه إحياء الموتى فأمره أن يذهب إلى واد سماه له، فيه ما لا يحصى من رميم الأموات، فأذن الله تعالى العظام المفنية من الأبدان المتفرقة أن تحيى، فكان كل عظم وكل مفصل يفقد منه مكانه، ويرجع إلى موضعه من بدن صاحبه إلى أن تتم جملته، وتستوي كما كانت حتى أراه الأبدان كلها ناشرة، ولم يذكر أنه أحياها.
إلا أن المنكر للإحياء، منكر للإعادة، وقد ثبت وجود الخبر عنها. ما نقلته اليهود عن يوشع، وثبت أيضا أن يوشع سأل الله تعالى أرائه إحياء الموتى، فأجابه إلى ما يتقدم للإحياء من إعادة الأبدان، ولم يجبه إلى الأحياء لالتقائه بما أراه، فإنه لم يكن يخفى عليه أن الأحياء بعد إعادة الأجساد، كيف تكون.
ولم يكن يوشع ليسأل الله تعالى أن يريه إحياء الأموات، إلا بعد أن أخبره الله تعالى وأخبر موسى عليه السلام أنه ما تحب عبادة بعد الموت، فإذا أراد أن يتعجل النظر إلى ذلك ليطمئن قلبه، وإن كان قد تقدم منه الإيمان به.
وقرأت أنا فيما يذكرون أنه الزبور الخبر عن يوم القيامة، وجزاء الناس بأعمالهم في عدة مواضع، فليس لأحد أن يدعي على الأنبياء قبل عيسى عليه السلام أنهم لم يذكروا