وقال:{كذبت قوم لوط بالنذر، إنا أرسلنا عليهم حاصبا، إلا آل لوط نجيناهم بسحر}.
وقال:{ولقد جاء آل فرعون بالنذر، كذبوا بآياتنا فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر}. فقد أبان الله عز وجل المواعيد العاجلة أنها مؤكدة لبينات الرسل، فلما لم تقبل منهم آياتهم أرسل عليهم من العذاب ما كانوا أنذروا به، ليؤكدوا ذلك الآيات التي أعدوها في الدلالة على صدقهم، أو تردع الجائين بعدهم عن مثل صنيعهم، إذا كانت الدار دار التكليف والتعبد.
فأما هتك حرمة الإله المبدع البارئ المصور، الخالق الرازق، فليس يجوز أن يكون العرق أو الصحة أو الريح أو الخسف جزاؤه، لأنه ليس في شيء من ذلك أعظم من سلب الروح، وذلك عقبى كل ذي روح، آمن أو كفر. وما وراء ذلك فإنما هي روعة ساعة أو كرب ساعة.
ولا يشك أن ذلك لا يقابل عند عظيم حرمة الله عز وجل لإيواء الكفر مع تتابع نعمه التي لا تحصى، الزمان الطويل والأمد البعيد، ولا تكذبت رسله والكفر بهم، فصح بذلك أن هذه المواعيد لم تكن تصدر من الأنبياء عليهم السلام، مقابلة الحق والإيمان والكفر، ولا الإيمان والكفر بهم أنفسهم، وإنما كانت تصدر منهم على الوجه الذي بيناه وشرحناه.
وإذا كان كذلك صح إنما يستخص به بالكفر بالله وبرسله، هو شيء خارج عن هذه المؤاخذة العاجلة، وأن جزاءهم بالحقيقة زائد عليها أضعافا لا يحصيها إلا الله تعالى، فهو لا محالة واصل إليهم إذا صح ذلك، ثم وجدنا الإنذار بما دون ذلك، لم يجز أن لا تكون الأبدان هذا إلا عظم وأنفا لأن ظن الخبر عنهم غرور لهم، ولا يجوز على الغرور. فثبت أنه قد وقع منهم وإن لم يوجد في كتبهم وبالله التوفيق.
وإذا قد ثبت لنا، أردنا إثباته في مجيء الأنبياء عليهم السلام، بذكر البعث بعد