زمرة سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، كأن وجوههم القمر ليلة البدر. ثم الذين يلونهم كأضواء نجم في السماء حتى يخلصوا إلى الجنة برحمة الله".
وفي بعض الروايات في هذا الحديث "أن الصراط أدق من الشعر، وأحد من السيف" والمعنى- والله أعلم- أن أمر الصراط والجواز عليه أدق من الشعر، أن يكون عسره على قدر الطاعات والمعاصي، ولا يعلم حدود ذلك إلا الله تعالى جده لخفائها وغموضها، وقد حرت العادة بتسمية الغامض الخفي دقيقا، وضرب المثل به بدقة الشعر، فهذا والله أعلم من هذا الباب.
وأما أنه أحد من السيف، فيكون معناه- والله أعلم- أن الأمر الدقيق الذي يصله من عند الله تعالى إلى الملائكة في إجازة الناس على الصراط يكون في نفاد حدة السيف ومضيه، إسراعا منهم إلى الطاعة وامتثالا، ولا يكون له مرد، كما أن السيف إذا نفذ نجده وقوة ضاربة في شيء لم يكن له بعد ذلك مرد.
فأما أن يقال: أن الصراط نفسه أحد من السيف وأدق من الشعر، فذلك مرفوع بنفس هذا الحديث، لأن فيه: "أن الملائكة يقومون بجنبيه ويقولون: اللهم سلم سلم" وفيه "إن فيه كلاليب ومسكا" وفيه "ن ممن يمر على الصراط من يقع على بطنه، ومنهم من يزل ثم يقوم) وفيه:"أن من الذين يمشون عليه من يعطى النور بقدر موضع قدميه" وفي ذلك إثبات أن المارين عليه مواطئ الأقدام" ومعلوم أن دقة الشعر لا تحتمل هذا كله. وقد سألت أحد الحفاظ عن هذه اللفظة فذكر أنها ليست ثابتة. فأما أن لا يشتغل بها، وأما أن يحمل على المعنى الذي ذكرنا والله أعلم.
فأما ما قيل في هذه الرواية: من أن أعلى الحسن نحو الجنة، ففيه بيان أسفله نحو طرف الأرض، وذلك لما مضى بيانه من أن جهنم سافلة، والجنة عالية. فأما نهاية الميزان وقدر بعد الجنة منها، فلم يرد فيها شيء إلا أن الله عز وجل قال في سورة الشعراء {وأزلفت الجنة للمتقين} وقال في سورة ق: {وأزلفت الجنة للمتقين غير