للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا تهمه نفسه وأنها إذا برزت غشيت أهل المجمع منها ظلمة شديدة، وإن شررها يقع على رؤوس الخلائق، فتكاد أفئدتهم تنخلع من الخوف إلى غير ذلك.

فليس يبعد أن يكون ورود المؤمنين جهنم أن يحضروا شغير جهنم للمحاسبة فيروها عن اليقين، وإذا أخذت تموج وتتأجح وترمي بشررها أشفقوا منها وإذا زفرت فرقوا من زفيرها، وتغشاهم من ظلمتها ماء يفشي غيرهم. فيكون هذا مس النار إياهم دون اللذع والإحراق والله أعلم.

فإن سأل سائل عما روينا، وقال: كيف يجوز إثبات الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين تهمهم أنفسهم يوم القيامة مما يرون من الأهوال والشدائد والله عز وجل يقول فيمن دونهم من الأولياء: {إن الذين سبقت لهم منا الحسني، أولئك عنها مبدعون، لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون، لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون.} ويقول: {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون}.

قيل له: أن المذكورين في هذه الآية يكونون آمنين من حيث يبشرون بالخير والنعمة، ولكن لا ينكر أنهم إذا رأوا هؤلاء لم يشاهدوها قط، ولا خطرت على قلوبهم أن يغفلوا في ذلك الوقت عن الأمن الواقع لهم، ويغلب الخوف على قلوبهم، فقد يحمل أن يكون خوف الأنبياء عليهم السلام في الحال التي ذكرتها من هذا الوجه.

وأما قوله عز وجل: {لا يسمعون حسيسها}، فالمعنى أنهم لا يسمعون ما تفعله النار بأهله إذا حصلوا في الجنة، وحصل أهل النار في النار. ألا ترى أنه قال على أثر هذا: {وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون}. فأما من قبل دخول الجنة فقد يسمعون زفيرها، ويردون كثيرا من أهوالها والله أعلم.

فإن سأل سائل: عن معنى إيراد الله تعالى جده المؤمنين جهنم.

قيل له قد قال الناس في ذلك وجهين: أحدهما أن يعلم المؤمنون بالعيان ما كانوا يخبرون عنه من شدائد بدار أعد الله تعالى جده الكفار من العذاب، فإذا صاروا منها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>