للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة كانوا أشهر بها وأقر عينا، وكانت في نفوسهم أعظم قدرا موقعا.

والآخر أن الفريقين إذا جمعهما مجمع واحد وهو شغير جهنم أو الصراط، ثم ميز أحدهما عن الآخر، وصير به إلى الجنان، والآخر إلى النيران أن كانت الحشرة على الذين يصار بهم إلى النار أشد، ومصيبته أقطع وأوجع. وقد يجوز أن يكونا معا هما المراد.

فإن قيل: فلم لا يرى أهل النار أهل الجنة، كما يرى أهل الجنة النار ليعلموا ما الذي فاتهم وحرموه بالمعاصي أنفسهم، فيكون ذلك اعم وأوجع لهم.

قيل: لان حريم الجنة وحريم النار كالنار، فلما كانت النار يخرج منها عصاة المؤمنين، ولا يخلدون فيها، صلح إيراد المؤمنين شغيرها ليروها، ويعاينوا أحوالها، قم ينقلوا عنها، ولما كانت الجنة لا يخرج منها دخلها لم يلق بها أن يورد الكفار حريمها فيستنشقوا رائحتها ويشاهدوا نعيمها ثم ينقلوا عنها.

فصل

فإن قال قائل: كأن جهنم هو البحر، فما يبقى قوله عز وجل: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}. فإن كانت النار في أسفل كما وصفهم فإجازة الكفار على الصراط لأي سبب؟

قيل له: أن من قال. أن الكفار يركبون الجسر، فقد يخرج عن قوله أن تكون أبواب جهنم في الجسر فروجا، فيه أشباه أبواب السطوح، فهم يقذفون منها في جهنم، وإنما يجمع بينهم وبين المؤمنين على الصراط ليكون فرج المؤمنين بالفوز والخلاص أعظم، وحسرة الكفار وغمهم أشد وأفظع، وإلقاؤهم من الجسر أخوف وأهول.

ولعل قول الله جل ثناؤه: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} يكون في هذا الوقت، وما في القرآن من قول الله عز وجل: {كلما ألقي فيها فوج}، وقوله تعالى {ألقيا في جهنم كل كفار عنيد}. فالدليل على هذا، لأن الإلقاء في الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>