شهواتهم على الله، المنهمكون في المعاصي لتكذيبهم رسل الله تعالى جده وأمره ونهيه، والشافون غبطهم غضب الله، القتالون أنبياء الله وسائر الداعين إليه المعذبون من ينصح لهم، أو يذهب غير مذهبهم، والمصيرون وغيهم يحطهم من الله، هم المنكرون للبعث والحساب. فهم يعبدون بأي ما يرغبون فيه لهم جميعهم، حطهم من الله جل ثناؤه.
والعاتون على الله الذين لا يبالون بأن ما يكون ما هم فيه حقا أو باطلا، فلا يتفكرون ولا يعتبرون ولا ينظرون ولا يستدلون، والله أعلم بما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كان الحديث ثابتا عنه.
فصل
وقد أخبر الله تعالى جده: أن في النار انكالا وهي القيود ومقامع من حديد، وإن فيها شجرا طلعها كأنه رؤوس الشياطين. وقال في آية أخرى، أن شجر الزقوم طعام الأثيم وأن فيها جميما وهو الماء الجار المقطع للأمعاء. وجميع ذلك يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون كل ذلك نيرانا مختلفة الأوصاف، كما أن فيها في الأرض ما بين دواب وأشجار وزروع كلها من تراب، إلا أن الأعراض مختلفة، والأصناف متغايرة بالخشب والحديد، هناك نار مهيأة بهيئة الشجر ونار مهيأة بهيئة الحديد، والحميم نار مهيأة بهيئة الماء.
وكل ما جاءت به الإخبار، من أن في النار حيات وعقارب فإن كانت تلك الأخبار ثابتة فهي محمولة على هذا المعنى وهو أن تلك نيرات مهيأة بهيئة الحيات والعقارب. وليس ينكر أن يخلق الله تعالى من النار المفرده خلقا ويجعله حيا، فقد أخبر عز وجل أنه: خلق الجان من مارج من نار، وهو على ما يشار قدير.
والوجه الآخر: أن يكون الشجر خشبا، والقيود والمقامع حديدا، والحميم ماء، والحيات والعقارب ما عرفت إلا أن الله عز وجل يمسكها، ويدفع الاحتراق والفساد عنها. فأنه خالق الطبع والمطبوع. فكلما أنه إذا أراد تغيير المطبوع غيره. فكذلك إذا أراد تغيير الطبع غيره.
وإذا كان يحرق أهل النار ولا يمسهم خلاف المعروف في الدنيا من أن من أحاطت به