النار وأحرقته هلك، فما الذي ينكر من أن يمسك في النار خشبا وحيات وعقارب فلا حرق بالنار ما لا يطغا بالنار ولا تأكله النار وبالله التوفيق.
فصل
فأما الجنان، فإن الله حصرها بأربعة أعداد فقال عز وجل:{ولمن خاف مقام ربه جنتان، وقال بعد ذلك: {ومن دونهما جنتان} ولم يذك سوى هذه الأربعة جنة خامسة.
فإن قال:{عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى} قيل: جنة المأوى اسم لجميع الجنان يدل على ذلك أنه قال: {فلهم جنات المأوى، نزلا بما كانوا يعملون}.
والجنة اسم الجنس، فمرة يقال: جنة، ومرة يقال: جنات عدت، وجنة عدن. لان المعدن الإقامة، وكلها دار الإقامة، كما أن كلها مأوى المؤمنين. وكذلك دار الخلد ودار السلام لأن جميعها للخلود والسلامة من كل خوف محزن.
وكذلك جنات النعيم، وجنة نعيم، لأن جميعا مشحونة بأنصاف النعيم جنة تنوى لأن الله عز وجل أن كان سمى شيئا من هذه الأسماء جنة في موضع فقد سمى الجنان كلها بذلك في موضع آخر فعلمنا أن هذه الأسماء لتمييز جنة من جنة ولكنها للجنان أجمع لا سيما وقد أتى الكتاب بذكر العدد ولم يثبت إلا أربعا.
وقد أثبت الله عز وجل هذه أبوابا بقوله:{وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبواها}. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن أبوبا الجنة ثمانية" فقد يحتمل أن يكون ذلك لأن لكل جنة من الجنان الأربع بابين.
وقد وصف الله تعالى هذه الجنان في كتابه، فوصف أهل الجنة، فصفهم صفين: أحدهما السابقون المقربون، والآخر أصحاب اليمين. فعلمنا أن السابقين أهل الجنتين