العليين في قوله تعالى {ولمن خاف مقام ربه جنات} إلى قوله {ومن دونهما جنتان} فقال: فهاتان للمقربين، وهاتان لأصحاب اليمين.
وعن أبي موسى الأشعري نحو من ذلك، وأصحاب اليمين هم الذين يؤتون كتبهم بإيمانهم وتخصيصهم بهذا السام ليس لان السابقين لا يقرأون كتبهم، ولكن لا الثناء عليهم بالسبق إلى الطاعات أشرف لهم من وصفهم بإيتاء الكتب بإيمانهم، لأنهم يشركهم في إيتاء الكتاب باليمين من ليس له سبقهم وقدمهم، ولا يشركهم في إيتاء الكتب باليمين من السبق غيرهم. فذكروا بأرفع الذكرين، ولما لم يكن من أهل الجنة بعدهم إلا من لم يكن لهم مثل فضيلتهم، فيذكروا معهم قيل لهم أصحاب اليمين أي الباقون بد السابقين من أصحاب اليمين والله أعلم.
والسابقون هم المتسارعون إلى الطاعات من أتباع الأنبياء صلوات الله عليهم، وتصديقهم ونصرهم على أعدائهم، وما يتبع ذلك من أوامر الله جل ثناؤه وغير متباطئين عنها ولا مستغلين لها أولا مطلبين للأعذار والعلل للأخذ بالهويني فيها، فإن جزاءهم عند الله أن يجعلهم سابقين إلى جنته والنعيم التي أعد فيها لأهل رضوانه، وتقدمهم على غيرهم، كما قدموا في الدنيا طاعته على أهوائهم، وتركوا أهلها أراد بهم.
ولما وصف الله تعالى بعض نعيم الجنان أشار إلى الفرق بين الجنتين اللين ذكر أنهما لما خاف مقام ربه وبين الجنتين ومن دونهما فقال في الأوليين:{فيهما عيتان تجريان} وفي الأخريين: فيهما عينان ناضحتان} أي فوارتان، ولكنهما ليستا كالجارتين لان النضح دون الجري.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جنتان من ذهب للمقربين، أو قال للسابقين وجنتان من ورق لأصحب اليمين" فقال في الأوليين: {فيهما كل فاكهة زوجان} فعم ولم يخص. وقال في الآخرين:{فيهما فاكهة ونخل ورمان} ولم يقل من فاكهة وقال في الأوليين: {متكئين على فرش بطائنها من إستبرق} وهو الديباج. وفي