الأخريين {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} والعبقري الوشي.
ولا شك أن الديباج أغلى من الوشي، والرفرف كثير الخباء، ولا شك أن الفرش المفردة للاتكاء عليها أفضل من فضل الخباء.
وفي الأوليين في صفة الحور العين:{كأنهم الياقوت والمرجان}. وفي الأخريين:{فيهن خيرات حسان}. وليس كل حسن بحسن الياقوت والمرجان.
وقال في الأوليين:{ذواتا أفنان} وقال في الأخريين: {مدهامتان} أو خضراوتان، كأنهن من شدة خضرتها سوداوان. فوصفت الأوليين بثرة الأغصان، والآخرين بالخضرة وحدها. وفي هذا كله إشارة إلى تحقيق المعنى الذي قصد بقوله:{ومن دونهما جنتان} ولعل ما يذكر من تفاوت ما بينهما أكثر مما ذكر.
فإن قيل: كيف لم يذكر أهل هاتين الجنتين كما ذكر أهل الجنتين الأوليين.
قيل: الجنان الأربع لمن خاف مقام ربه، إلا أن الخائفين لهم مراتب. والجنتان الأوليان على العباد ربة في الخوف من الله جل ثناؤه. والجنتان الأخريان لمن حاله في الخوف من الله تعالى عنهم.
واختلف في الحور العين المذكورات في القرآن، فقال الحسن البصري: أن الحور العين هن المؤمنات من أزواج النبيين والمؤمنين، يخلقن في الآخرة على أحسن صورة، والمشهور أن الحور العين ليس من نساء أهل الدنيا، إنما هن مخلوقات في الجنة، لأن الله عز وجل يقول:{لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان}. ونساء الدنيا أكثرهن مطموثا.
فعلمنا أن الحور خلقهن غيرهن ولا النبي صلى الله عليه وسلم يروى عنه:(أن أقل ساكني الجنة النساء) وإذا كانت نساء الجنة أقل من رجالهم لم يصب كل واحد منهم امرأة. ووعد الحور العين لجماعهم فثبت أنهم غير نساء الدنيا. ومن ذهب مذهب الحسن قال: إذا قضى الرجال شهواتهم في الجنة، علمنا أن النساء لهن مثل ذلك، فلو لم يدرون إلى الرجال لم يجدن غيرهم فثبت أن نساء أهل الجنة أزواج رجالهم.