للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفهم ثم قال: {أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} ثم أعاد ذكرهم في سورة المعارج وقال: {أولئك في جنات مكرمون} فعلنا أن الفردوس جنات لا جنة واحدة كما قال وهب والله أعلم.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سألتم الله فسلوه الفردوس) فهذا والله أعلم- أن للجنات مراتب لا يستوي الناس في استحقاقها، فلا ينبغي لأحد أن يتخير أحداهما فيسلمها الله، وإنما أعدها الله تعالى لغيره، فيكون داخلا في جملة قوله تعالى: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} بل ينبغي له أن يسل الله الفردوس، فيكون قد سأله الجنة. في الجملة، وليس في شيء من دراجاتها بمرغوب عنه والله أعلم.

فصل

قال بعض الضلال: أن للثواب والعقاب صورا للناس بصور جسمانية لتقرب إلى إفهامهم. فقيل لهم: إن في الجنة مآكل ومشارب ومناكح وملابس ثم وضعت لهم بأحسن الأوصاف، وأولاها بأن بشوق إليها لأنهم لم يعرفوا اللذة والسرور والغبطة في الحياة الطيبة في العيش، إلا من هذه الوجوه، فضربت مثلا لهم وإلا فالحقيقة أنه لا ألم هناك ولا موت ولا حزن، وإنما هو مسرة دائبة متصلة، ولذة وبهجة وغير منقطعة، كما يلتذا الطاعم بطعم الشيء الطيب اللذيذ، ومجامعة من يميل إليها ويستحسنها، والفرش والملابس الناعمة.

قال: ومما يبين ذلك أن الله عز وجل ذكر في أن في الجنة زرابي، وقد علم أنها الطنافس، وإن الطنافس التي يعرفونها أصواف مصبوغة مغزولة منسوجة، وإنه لم يردها بما قال، وإنما جعلها مثلا. وقال: {متكئين على رفرف خضر وعبقري}.

والعبقري ما كان نسج من عنبر. فصح أنه جعل ذلك مثلا ولم يرد عينه، فكان جميع ما ذكر من المطاعم والمشارب والمناكح مثلا، قياسا على ما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>