للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

إن سأل سائل عن قول الله عز وجل: {عليها تسعة عشر، وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة، وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب، ويزداد الذين آمنوا إيمانا، ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون، وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون: ماذا أراد الله بهذا مثلا}. وقال: ما تفسير هذه الآية وتأويلها؟

قيل له: إنما قال عز وجل: {عليها تسعة عشر} التي هي إحدى دركات النار فإنه قال تعالى: {سأصليه سقر وما أدراك ما سقر. لا تبقي ولا تذر. لواحة للبشر، عليها تسعة عشر} فلا يمكن أن يقطع بأن ملائكة العذاب كلهم تسعة عشر إذا لدركات سبع وقد يمكن أن يكون كل واحد من هذا مثل هذه العدة أو أكثر.

فأما قوله: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة} فإنه يقال أن أبا جهل لما سمع عليها تسعة عشر هوى وقال لقريش أنا أكفيكم عشرة وأكفوني تسعة فأنزل الله تعالى: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة} أي التسعة عشر ليسوا بني آدم فيقاوم أمثالهم أو يقاوم الواحد عشرة منهم، وإنما هم ملائكة غلاظ شداد ينقلون المدائن، وينزلون من السماء إلى الأرض، ثم يرجعون إليها من نومهم، وقال: من قال لا يقاس الملائكة بالحدادين أي بالنحاسين من بين آدم إنكار المبالغة عن أبي جهل.

وأما قوله عز وجل {وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن} أي وما جعلنا أخبارك بعد أصحاب سقر إلا فتنة للذين كفروا، وقوله: {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون. وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا}.

فيكون أخبارنا إياك بعدهم فتنة للكافرين والمنافقين، واستيقان المؤمن وأهل الكتاب، هو أن علم عدد هؤلاء الملائكة ليس من العام، ولا هو مما يوجد مثله عند العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>