للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} أي إنكم تحبون الله فإني قائم بالدعاء إلى الله جل ثناؤه، وأداء حقوقه والجهاد في سبيله وإعلاء كلمته وحشر الناس إلى دينه، فلا أحد أشد موافقة لكم مني، فأحبوني تحبوا الله، واتبعوني فإن محبتكم لله تعالى تقتضي اتباعي لا مخالفتي والإزورار عني، فإن أبيتم فاعلموا أنكم غير محبي الله، وإن اسم العداوة والبغض أولى بكم وألزم بكم من اسم المحبة والله أعلم.

وقال الله عز وجل: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا حتى يأتي الله بأمره، والله لا يهدي القوم الفاسقين}.

فأعلمهم جل ثناؤه أنهم إذا قعدوا عن الجهاد إشفاقاً من أن يصابوا فيتضرر بذلك قراباتهم أو حسرة على المساكن التي يرضونها، وأسفاً على ما يفوتهم من التنعم بسكناها، أوشحاً بالأموال التي اكتسبوها، وخوفا من نقصانها، لم يكونوا محبين الله عز وجل بل كان ما يتركون لأجله الجهاد في سبيله، ويحملوا بسببه كفر الكفار، وغيهم وانتهاكهم محمارم الله، هو الأحب إليهم والآثر لديهم. فإن واحداً من أمثالهم لو سبهم وأذاهم وأسمعهم في أنفسهم أو في بعض أسلافهم، وحسب لأحدهم امرأة وجارية لقاتلوه ولم ينتفعوا على أموالهم ولا مساكنهم ولا على ما يكسد من تجارتهم.

وإذا سمعوا الذين يلحدون في أسماء الله. ويستهزئون بآيات الله، وعرفوا ما قدم أسلافهم من قبل الأنبياء صلوات الله عليهم، وأنهم اليوم لفعلهم راضون، ثم لم يوادوهم إشفاقاً على القرابات والأموال أو على الأنفس لم يكونوا محبين لله تعالى جده حقاً، بل كانوا أحب بغيره منه، أي لا ينبغي أن يكون ذلك كذلك، بل خلاف ذلك هو الأولى بكم والألزم لكم، فثبت بجميع ما يثبت أن حب الله تعالى من الإيمان وبالله التوفيق.

فإن سأل سائل: عن قول الله عز وجل: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} فإذا أريد به: الذين يعترفون بالله جل ثناؤه. فإن ظاهره

<<  <  ج: ص:  >  >>