للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم يومئذ أنتم اليوم أخوان، وأنتم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض).

ففي هذا الحديث أن أصحاب الصفة لم يصبروا على المجاعة حتى اعلموا من أملوا أن يغير أحوالهم. فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه أجابهم بما سئل عنه. فدل ذلك على أن طلب ما تقع الحاجة إليه ليس بمضاد للتوكل إذا كان الطالب لا يطلب إلا متوكلا على الله تعالى في أن إظفاره بمطلوبه إن شاء الله في حديث آخر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أيامًا لم يطعم الطعام حتى شق ذلك عليه، فطاف على منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئًا، فأتى فاطمة رضي الله عنها - فقال: يا بنية، هل عندك شيء آكله فإني جائع. فقالت: لا والله بأبي أنت وأمي. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندها بعثت لها جارة برغيفين وبضعة لحم. فأخذته منها ووضعته في جفنة لها وغطت عليها. وقالت: والله لأوثرن بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي من عندي، وكانوا جميعًا محتاجين شبعة طعام، فبعثت حسنًا أو حسينًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إليها. فقالت بأبي أنت وأمي، قد أتانا الله تعالى بشيء فخبأته لك، فقال: هلمي، فأتته فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزًا ولحمًا، فلما نظرت إليها بهتت، وعرفت أنها بركة من الله عز وجل، فحمدت الله جل ثناؤه وصلت على نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال: من أين لك يا بنية. فقالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فحمد الله عز وجل وقال (الحمد لله الذي جعلك الله يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رزقها الله تعالى شيئًا فسئلت عنه، قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي ثم أكل وفاطمة والحسن والحسين وجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته حتى شبعوا. قالت فاطمة وبقيت الجفنة كما هي، فأوسعت منها على جيراني، وجعل الله عز وجل فيها بركة وخيرًا كثيرًا).

فأما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب، هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون) فقد يحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>