وهم أو بعضهم أحياء، لم يكونوا بمجرد تصديقهم المبشرين به بعينه، حتى يحدثوا إيمانا به وتصديقا له.
فكذلك المصدق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإن التزم قبول ما يأتي به فذلك لا يجعله عندما يأتي به قابلا له ملتزما إياه. حتى يحدث له قبولا. فثبت أنه إذا قبل، كان ذلك القبول منه إيمانا حادثا وراء ما قدم من الإيمان، وانضمام الإيمان إلى الإيمان، فوجب ازدياد السابق باللاحق. فصح أن الإيمان قابل للزيادة، والله أعلم.
ودل الكتاب على ما وصفت "قال الله عز وجل:{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}
وقال {والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا}. فبأن أن رشح الصدر بالحكم الحادث والتسليم له محتاج إليه، وإن كان التزام الإيمان بكل من يبعثه الله تعالى وبرسله قد تقدم، والله أعلم.
وأيضا فإنه إذا ثبت إحداث القبول لما يحدث فرضه إيمانا، وكان القبول في هذا الوقت تنفيذ الملتزم منه الفرض، وجب أن يكون تنفيذ كل ملتزم إيمانا مثله، إذ لا فرق بين التزام قبول الصلاة إن شرعت، ثم قبولها عندما تشرع، وبين قولها إذا شرعت ثم فعلها إذا دخل وقتها، والله أعلم.
ومما يدل على زيادة الإيمان ونقصانه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا). فدل هذا القول على أن حسن الخلق إيمان، وأن عدمه نقصان إيمان، وإن المؤمنين متفاوتون في إيمانهم. فبعضهم أكمل إيمانا من بعض.
فإن قال قائل: هذا من أخبار الآحاد، وكتاب الله عز وجل أولى منه، والله عز وجل يقول:{اليوم أكملت لكم دينكم} وليس بعد الكمال شيء! فثبت أن دين الله تعالى محدود ولا يحتمل زيادة عليه، ولا نقصاناً منه.