كما أن الزيادة على الدين، وإن لم تكن إلا وراء الدين، فإن كل جزء من أجزاء الدين دين. فلذلك لما ثبت بالحديث:(إن الإيمان بضع وسبعون شعبة) وجب أن تكون كل شعبة منها إيمانا. وإذا وجب ذلك لزم أن تكون كل شعبة مما تقدمت تزداد بما يتبعها من شعبة مثلها. فيكون الآتي بجميع هذه الشعب كامل الإيمان، والآتي ببعضها ناقص الإيمان والله أعلم.
فإن قال قائل: لو كانت هذه الشعب كلها إيمانا لاستحال أن يكون من يعرفها مؤمنا!
فالجواب: إن هذه دعوى لا برهان عليها لأنه لا خلاف في أن الإيمان بأنبياء الله يصح على غير معرفة بعددهم وصفاتهم وأسمائهم. فكذلك الإيمان بكتب الله تعالى يصح من غير علم بما فيها، وقبول ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم يصح من غير علم بأركانها وشروطها. فكذلك الإيمان ممن لا يعلم في الحال شعبه وأبوابه والله أعلم.
ومما يدل على أن الإيمان يزيد وينقص قول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء (أنكن ناقصات عقل ودين، قفلن يا رسول الله: ما نقصان عقلنا وديننا؟ قال: أما نقصان دينكن، فهو أن الواحدة منكن تجلس نصف دهرها لا تصلي. وأما نقصان عقلكن فهو أن شهادة اثنتين منكن عدلت شهادة واحد).
فإذا كانت المرأة لنقصان صلاتها عن صلاة الرجال تكون أنقص دينا منهم، مع أنها غير جانية بترك ما تترك من الصلاة، أفلا يكون الجاني بترك الصلوات انقص دينا من المقيم بها المواظب؟؟ وفي هذا ما أبان خطأ من يقول (إيماني وإيمان الملائكة واحد) مع أخبار الله عز وجل بأنهم {يسبحون الليل والنهار لا يفترون}. ومعنى التسابيح الصلاة لقوله عز وجل:{فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه ليوم يبعثون}. وبقوله {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها}. وكقوله عز وجل:{سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}.