فإذا كانت المرأة من أجل أنها انقص صلوات من الرجل انقص دينا منه، فينبغي أن يكون البشر الذيم يصلون كل يوم وليلة خمس صلوات انقص دينا من الملائكة الذين يصلون الليل والنهار لا يفترون. ثم وجب أن المستويين في مقدار الصلاة إذا كان أحدهما أكمل صلاة كان أكمل إيمانا. والملائكة أكمل صلاة من البشر لأن صلاتهم تخلص عن الإنكار التي لا يليق بها فربما أنسيت مرضا أو حدثت سهوا، وصلاة البشر لا تحلو من أمثالها فصح أنهم أكمل صلوات من البشر، فوجب أن يكونوا أكمل إيمانا.
ودليل آخر: وهو أن المعطل وإن كان كافرا بتعطيله، فإن نصرته للتعطيل ودعوته إليه وذبه عنه كفر، والمشبه وإن كان كافرا فإنه كلما أحدث تشبيها كان قد أحدث كفرت مثبت أن المسلم كلما وحد الله وذكره واثنى عليه وقدسه وسبحه كان بذلك المستحدث إيمانا، قياسا على التعطيل إذا كان في أصله كفرا كان الإثبات في أصله إيمانا، وإذا كان التشبه والتشبيه كفرا، كان التوحيد والتقديس إيمانا. وفي هذا ما أبان أن الزيادة في التوحيد والذكر زيادة إيمان. والله أعلم.
فصل
وإذا صبت أن الإيمان يزيد وينقص، فتبين أنه كيف يزيد وكيف ينقص وبالله التوفيق أن الإيمان ينقسم إلى أصل وفرع، فأصله: الاعتقاد والإقرار. والفروع هي الطاعات كلها. وإنما كانت إيمانا لأن الإيمان هو التصديق. والتصديق الواقع بالقلب واللسان هو الذي يحرك على سائر الطاعات ويدعو إليها. وإنما يقع من المؤمن قصدا إلى تحقيق القول بالفعل وتسوية الظاهر بالباطن، ولأن الطاعة لا تكون إلا لأمر، كما أن الاعتراف لا يكون إلا لذي حق واجب. فلما كان الاعتراف إيمانا لما فيه من إشارة التعرف له والتصديق به، وجب أن تكون الطاعات لأوامره إيمانا له فيها من إثباته والتصديق به. وإنما قصد بالطاعة المبايعة للاعتراف، فجعلها فروعا.
إن الاعتقاد والاعتراف باللسان يصح وجودهما في أنفسهما عاريين وراءهما، فإذا وجدا بعثا وحركا على غيرهما من العبادات، ولا يكون وجود الصلاة مثلا أو الصيام أو