للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحج من أحد مع جحد الباري جل ثناؤه، أو جحد الرسول الجائي لهذه الفرائض، حتى إذا وجدت حركت وبعثت بعد الاعتقاد والاعتراف. فعلمنا أن الاعتقاد والاعتراف هما الأصل إذ كانا يصحان بأنفسهما. ثم لا يصح أن يقال هذا لأن الموجود من المقر هو المعتقد، وإذا صحا استتبعا غيرهما وإن نما وراءهما. وفروع إذا كانت تحتاج إلى معنى آخر يثبت قبلها ويستتبعها، ولم يجب عليها أن يصح بأنفسها ثم تستتبع غيرها، والله أعلم.

فإن قيل: فالاعتقاد هو المحرك على الإقرار. فقل: إن الإقرار فرع وليس بأصل. قيل: لا يصح أن يقال هذا لأن الموجود من المقر هو المعتقد والموجود من المعتقد هو المقر به، وهما جميعا التوحيد الصريح. لأن الإقرار توحيد صريح، فلما كان أحدهما هو الآخر وإنما يختلفان في الآلة لا في أنفسهما، لأن أحد الفعلين باللسان والآخر بالقلب، لم يجز أن ينقسما إلى أصل وفرع. لأن الانقسام إنما يليق بعملين، وقد بينا أن الاعتقاد والإقرار عمل واحد. وأما سائر الطاعات فاتباع لهذين لأنهما اللذان يحركان عليها ويدعوان إليها كما تقدم وصفها، فلاق لها أن تكون فروعا لهما والله أعلم.

وإذا ثبت أن الطاعات إيمان، فإن أصل الإيمان إذا حصل إثم تبعته طاعة زاد الإيمان المتقدم بها، لأنه إيمان انضم إليه إيمان كما يقتضيه، ثم إذا تبعت تلك الطاعة طاعة أخرى ازداد الأصل المتقدم بها لأنه إيمان انضم إليه إيمان والطاعة التي تلته بها، لأن الأصل كان يقتضي هذه من طريق أنه كان تحرك عليها لما فيها من تحقيق القول بالعمل، وتعديل الباطن بالظاهر والطاعة بالأولى كانت تقضيها أيضا لاشتراكهما في أمر الآمر بهما، فلا جائز أن يفرق بينهما في الفعل بعدما جمعهما الأمر الذي لأجله كان ما وجد منهما، ثم على هذا إلى أن نكمل شعب الإيمان هذه إحدى العلتين، والعلة الأخرى أن الطاعات لما كانت لا تكون إلا لأمر كانت إذا وجدت إثباتا له وتصديقا به كالإقرار. فإذا كان الإيمان هو التصديق فكلما انضم تصديق إلى تصديق فواجب أن يزداد الأول بالثاني ويتكثر به، فيقال زاد الإيمان، والله أعلم.

وأما نقصان الإيمان فقد اختلف فيه، فقيل أن الإيمان يزيد ولا ينقص، وقيل: بل ينقص كما يزيد! ومن قال هذا فللنقصان عنده تأويلان: أحدهما: أن نقصان

<<  <  ج: ص:  >  >>