فقلت في نفسي. لا أدخل في هذا الدين حتى أعلم أنهم الذين ارجأوا وانظر سيرتهم وأعمالهم. فلم أزل أدافع ذلك وأوخر لا سبب، حتى قدم علينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلما رأيتهم ووفاءهم بالعهد وما صنع الله لهم على الأعداء، علمت أنهم الذين كنت أنتظر، فحدثت نفسي بالدخول في دينهم، فو الله إني ذات ليلة في سطحي، إذا رجل من المسلمين يتلو قول الله عز وجل "يا أيها الذين أوتوا الكتاب، آمنوا بما نزلنا مصدقًا لما معكم من قبل أن نطمس وجوهًا فنزدها على أدبارها، أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت، وكان أمر الله مفعولا. فلما سمعت هذه الآية حسبت إني لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي. فما كان شيء أحب إلى من الصباح، فغدوت على المسلمين، فقال كعب: وقلت لعمر بالشام: أنه مكتوب في هذه الكتب أن هذه البلاد التي كانت لبني إسرائيل، أهلها مفتوحة على يد رجل من الصالحين، رحيم بالمؤمنين، شديد على الكفارين، سره مثل علانيته وقوله لا يخالف فعله، والقريب والبعيد سواء في الحق عنده، أتباعه رهبان في الليل، وأسد بالنهار، متراحمون متواصلون متبارون
فقال عمر رضي الله عنه: ثكلتك أمك، أحق ما تقول؟ فقلت: أي والذي اسمع ما أقول: فقال الحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا وشرفنا ورحمة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته التي وسعت كل شيء.
وفي قصة إسلام سلمان رضي الله عنه، قال: كنت رجلاً فارسيًا من أهل أصفهان، وكانت لأبي صنيعة عظيمة، فأمرني أن أذهب إليها، فاطالعيا. فمررت بكنيسة النصارى، فسمعت أصواتهم منها وهم يصلون. فدخلت عليهم انظر ما يصنعون، فأعجبتني صلاتهم، وقلت هذا والله خير من الذي نحن فيه، فما برحت حتى غربت الشمس، وقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. فقدمتها. فقلت: من أفضل هذا الدين علمًا، قالوا: الأسقف في الكنيسة. فدخلت معه إلى أن مات. وجعلوا مكانه رجلاً فما رأيت أحدًا يصلي الخمس إني به حتى هرم في الدنيا ولا أذوب ليلاً ونهارًا منه، فأقمت معه إلى أن حضرته الوفاة، فأمرني أن الحق برجل بالموصل، فلما مات وغيب لحقت بالموصل. ووجدته على أمر صاحبه، فأقمت عنده، فلما حضرته الوفاة سالته، فأمرني أن الحق برجل بنصيبين، ذكره لي، فلحقت به وأقمت معه خير رجل، فلما