هذا، فحملت عليه، ثم قذف في النار)، فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الظالم لا يقذف في النار ما لم يتبع بظلمه في حسناته لكن البداءة تقع بسلب الحسنات، فإذا نفذت عدل به إلى النار. فدل ذلك على أن كل عاص فهذا سبيله، ثم ذلك في القول الأول: أن تحبط سيئاته حسناته ما عدا أصل الإيمان. فإذا لم يبق له حسنة سوى أصل الإيمان تحبط سيئة عذب على سيئته بالنار والله أعلم، وفروعه سواء، فإذا لم يبق له ثواب وكانت له سيئة عذب عليها بالنار والله أعلم.
وفي القول الثاني أن تحريم ثواب حسناته وأصل الإيمان وفروعه سواء، فإذا لم يبق له ثواب وكانت له سيئة عذب عليها بالنار والله أعلم. ومن ذهب إلى أن الإيمان يزيد ولا ينقص فإنه يقول: أصل الإيمان يتكثر بفروعه، وفروعه تتكثر بعضها ببعض، والمعاصي لا تحبط الطاعات، وإذا لم تحبطها فلا نقصان يلحق الإيمان. والدليل على صحة ذلك أن فروع الإيمان متأبدة بأصلها، فما لا يحبط أصلها لا يحبطها، لأن الفروع لا تتميز عن أصلها، فإذا لم يجز وجود الكفر مع الإيمان، لم يجز وجود فروعه مع الإيمان، ولأن طاعات المؤمن إنما كانت فروع الإيمان لوجودها في الإيمان المحرك عليها، ولأن طاعات المؤمن إنما كانت فروع الإيمان لوجودها في الإيمان المحرك عليها. كذلك معاصي الكافر فروع للكفر لأن كفره هو المحرك له عليها. وقد علمنا أن الأفعال الحسنة في أنفسها إذا وجدت من الكافر لم تكن فروع الإيمان، ولأن طاعات المؤمن لما كانت فروع الإيمان كانت إيمانا. فلو كانت سيئاته فروع الكفر فلتكن كفرا.
فإن قال: حسنات الكافر فروع الإيمان كما أن سيئات المؤمن فروع الكفر. قيل: ذلك محال! لأن الفرع يقتضي أصلا يصدر عنه، فإذا لم يكن في المؤمن كفرا استحال أن تكون منه فروع الكفر. وإذا لم يكن من الكافر إيمان استحال أن يكون منه فروع إيمان.
فإن قال: لو بطل أن تكون سيئات المؤمن من فروع الكفر لبطل أن تكون حسنات الكافر من فروع الإيمان، فبطل أن نكون سيئات المؤمن معاصي لبطلان أن تكون حسنات الكافر طاعات.