آبائها، خير من أولئك العرب إلا في النسب، كما كان العرب المسلمون الذين ضربوا أكفار العجم على كفرهم حتى تركوه، خير من أولئك العجم عندكم إلا في النسب. وليست المفاضلة بين المؤمنين أو الكافرين، لأن بعض الكفر يغني عن كل فضل وسرت الإيمان تسير كثيرًا من النقص.
وإنما المفاضلة بين المسلمين أو بين الكافرين، فالمعارضة بالفضل الذي يوجب إيمان النوعين على الكافر لا معنى له والله اعلم.
وأما قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم ألحق رياسة العرب لأشراط الساعة، فدل ذلك على أنها من أدبار الدنيا.
فجوابه: إنه أتاه بذلك الذين سماهم عربًا. البدويون الذين لا يقرأون ولا يحجون ولا يعتمرون، ولا يتراهنون بالقمار ويستألكون أموال الناس، ولا ينصرون الله تعالى دينًا ولا يكرمون له وليًا ولا يذلون له عدوًا. وليس يبعد أن يكون برؤيته هذه الفرقة من أشراط الساعة، أمارتها بادبار الدنيا، إلا أنه كما يوجد في العرب من يكون بهذه الصفة فلا يستحق تفضيلاً بذلك أن يقدم في العدم أمثالهم واردًا منهم، ثم أن ذلك لا يوجب تأخير العجم كلهم عند هذا القائل. كذلك ما قاله لا يوجب تأخير العرب كلهم عندنا، وإنما الكلام على الجملتين بلا تفضيل، أو على أهل الفضل من الفريقين. هل يجب للعربي بعربيته زيادة حق أو لا يجب؟ وأما رواية المحتج في هذه الأخبار لا يحكم في موضع الاختلاف والله أعلم.
وأما ما قاله في الكفاءة، ورواه فيها من الأخبار. فجوابه: أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العرب بعضها أكفاء لبعض، قريش بعضها إلفًا لبعض، والعجم بعضها إلفًا لبعض) وأجمع المسلمون على أن العجمية إذا دعيت إلى عربي وجب على وليها تزويجها. فصح أنه لم يرد بالحديث. أن العرب ليسوا أكفاء للعجم، وإنما أريد به أن العجم ليسوا أكفاء للعرب. كما أن الله جل ثناؤه لما قال في القصاص {الحر بالحر والعبد