للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون منه الجرح ألين، وقد تكون منه الشهرة بالتدليس أو الغفلة أو مخالفة الحفاظ الإثبات لمن شاركهم في الرواية، ولا يكون في منزلتهم.

ومن الأخبار ما يعارض ومنها ما يلم من التعارض، ومنها مسند ومرسل فمنقطع ومنقطع لا غنى بالمعنى من رواية الأكثر الأظهر من عامة ما وصفنا، فإن شذ عنه بعد الطلب الحثيث والعناية الشديدة بعض ما ذكرناه بلا غلبة ولكنه لا علم له أن يعتمد ما يراه مثبتًا في كتب العلماء، ويشهدوا على أنه سنة حتى يسمعها فمن يرويها له وحدثه إياها بإسناد متصل منه للنبي صلى الله عليه وسلم بكون نقلتها عدولاً، وكلما قلت أنه لا شيء على من جهله من بيان الكتب والسنة، فإنما أريد به، إن العالم الذي حصل ما رواه، إن عمل بخلافه أو أفتى به غيره بعدما أوجبه الاستدلال عنده، فلا حرج عليه فيه ما لم يبلغه الذي قضي عنه، أو ينصح له ما كان كائنًا عليه. فإذا علم منه ما كان لا يعلمه، فقد صار محجوبًا به، والتحق بسائر ما عنده، وكذلك أقاويل السلف وما اجتمعوا عليه واختلفوا فيه لا يتهيأ أن يحاط بجميعها، ولكن أكثر ذلك قد عرف وحفظ وجلد في كتب أفردت لذلك الاختلاف ما خلد من السنن وتفسير القرآن وتأويله. فينبغي للمفتي أن يتبع ما جاء منها ولا يقتصر على ما عده منها في كتابه دون أن يسمعه ممن يبلغ وتأويله. فينبغي للمعنى به قابله، ثم يقابل بعضهما ببعض ويتحر عند العمل والفتيا أرجحهما. ولا يحل له أن يتخذ لنبيه صلى الله عليه وسلم عديلاً من أمته، فينصبه بالانتساب إلى مذهبه، ويعادي فيه، ويوالي ويدع لقوله السنن الصحاح، ولا يبالي بل ينبغي له أن ينزل علم السلف منزلة واحدة، إلا المقدار الذي ظهر من فضل بعضهم على بعض، فإنه لا يذكره ولا يدفعه، ولا يلزم إتباع أحد منهم بعدما جهد، وتبلغ حد المجتهدين، وصار من أهل الفتوى والقضاء بين المسلمين، قد يجد قوله على الإنفراد أمامه، ولا وفاق أصوله أصله وليتبع النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو من أمته، ومحجوج بالكتاب الذي أنزل عليه من ربه. وما يثبت عنده من قوله وفعله وبسحر وفاقه لا زمان من دونه، وليحذر خلافه، لا خلاف من ليس مثله، وليعلم أنه هو المعصوم، المبرأ من الكذب فيما يبلغ، والخطأ فيما يحكم. والمنزه من كل قصد فيما اصطفاه الله تعالى من النبوة، وأكرمه به من الرسالة. فأما من عداه كائنًا من كان، من أفراد الصحابة والتابعين فليس أحد منهم في درايته ورأيه، معصومًا من الخطأ أو الزلل، ولا عنده من علم الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>