للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أغفلت العامة ما يلزمها من سؤال العلماء، عما يفوتهم، وأعرضوا عن العلماء بواحده، وخاف العلماء أن يخلو البلد من العلم أن انقرضوا، ولم تحمل منهم ما حملوه ولا سئلوا عنه فأدوه. ويعفوا إعلام الدين، وتدرس آثاره، كان عليهم أن يدعوا الناس إلى التعلم منه، ويحثوهم على الرجوع إليهم فيما يفوتهم، ويبصرونهم ما في رفض العلم، وقلة الحفل بالحكم من عظيم الضرر والإثم. ويذكروهم ويسمعوهم ما يرجون أن يردعهم فيملأوا أبدانهم بالوعظ والنصح، ويرووا لهم الأخبار ليخرجوا إليهم من عهدتها ويرفعوا أحوالهم إلى السلطان، ليأمرهم السلطان بتعلم الدين، والرجوع إلى العلماء في ثوابهم، وإلى حاكمه في مطالبهم. فإذا لم يفعلوا أمر واحدًا أو أكثر بقدر سكان البلد ليجلس وقتًا معلوم، للتذكير والرواية والفتيا. ثم أمر العامة أن يحضروا المجلس، فإذا حضرت منهم طائفة تدرك ما تسمع وتحسن أن تسأل عما يحتاج إليه وتعي ما يجاب به أمسك عن الآخرين. وإن كان السلطان لا يوثق لما يلزمه بحسن العلماء لهم في مشاهدتهم الأخبار التي يرون إنها أجمل للتذكير، فأسمعوهم منها ما يظنون أنه أنجع فيهم وأحق بحسن الموقع منهم. فإن أصابهم في ذلك مكروه صبروا واحتسبوا كما صبر الأنبياء والمرسلون صلوات الله عليهم أجمعين.

قال نوح:} رب إني دعوت قومي ليلاً ونهارًأن فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا، وأني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وأصروا واستكبروا استكبارًا. ثم أني دعوتهم جهارًا، ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم أسرارًا {.

وقال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:} فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل {. وقال:} فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت {.

وحكى جل ثناؤه عن لقمان فيما وعظ به ابنه:} واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {. وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>