للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبل من الأفراد بعد أن يكونوا عدولاً، لأنها إنما تقبل إذا لم يوجد في الثبات ما هو أقوى منها فتكون بالضرورة هي المؤدية إلى فتواها. ومثل هذه الضرورة لا تقع إلى شواذ القرآن، فلذلك كان تركها أولى والله أعلم.

وأما ترك القبول إلا عن العدول المتميزين، فلأن الإخبار بالقراءة شهادة على الله عز وجل ومعلوم إن الشهادة على أناس لا تقبل إلا من العدول المتميزين، فإن لا تقبل على الله إلا منهم أولى وأحق والله أعلم.

وأما القراءة من المصحف فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قراءة القرآن في غير المصحف ألف درجة، والقراءة في المصحف تضاعف على ذلك الفي درجة).

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ. ودخلوا على عمر رضي الله عنه وهو يقرأ في المصحف -وكان والله قارئًا- فقال: إني أكره أن يأتي علي قوم لا أنظر في عهد الله، وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذا أصبح أمر غلامه فنشر المصحف فقرأه، وقال نافع: كان ابن عمر رضي الله عنه إذا فتح المصحف ليقرأ، بدأ فقال: اللهم أنت هديتني لو شئت لم أهتد، لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

وقال خيثمة: دخلت على عبد الله بن عمر وهو يقرأ في المصحف فقلنا له: ما تصنع؟ فقال: أقرأ جزئي الذي أقرأه، ورأى عبد الله بن مسعود مصحفًا مزينًا بالذهب فقال: أن أحسن ما يزين به المصحف تلاوته في الحق.

كان زيد بن عبد الله بن الشجير يقرأ في المصحف حتى يغشى عليه. وكان الربيع يقرأ في المصحف، فإذا طال عليه عبث بالورق. فقال يونس بن عبيد: كان خلقًا للأولين النظر في المصاحف. وقال الأوزاعي رضي الله عنه: كان يعجبهم النظر في المصحف، ولكل واحدة من القراءة في المصحف القراءة من الحفظ فائدة، ففائدة القراءة من الحفظ وثبات الذكر وهو أمكن للتفكير فيه، وفائدة القراءة من المصحف الاستباب لئلا يغلط

<<  <  ج: ص:  >  >>