أولى أن يشتفى به ويتبرك بقراءته، وقد سماه الله شفاء، فقال:} وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين {. وقال:} يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين {. فما كلام أولى بأن يكون فيه الشفاء من هذا الكلام.
وقد روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فمررنا على حي من أحياء العرب، فاستضفناهم فلم يضيفونا، فنزلنا بالعراء فلدغ سيدهم فأتونا، فقالوا: هل منكم أحد يرقي؟ فقلت: أنا أرقي. قال: فارق صاحبنا فقلت: لا، فقد استضفناكم فلم تضيفونا. قالوا: إنا نجعل لكما جعلاً، فجعلوا اثنتين من الشياه، قال: فأتيت. وجعلت أمسحه وأقرأ فاتحة الكتاب، وأرده وأقفل حتى برأ. فأخذنا الشياه وقلنا: ما نحن بالذي نأكلها حتى نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيناه فذكرنا ذلك له. فجعل يقول:(وما أدراك أنها رقية، فقلت: يا رسول الله، ما دريت لكنه شيء ألقاه الله في نفسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا واضربوا لي معكم بسهم).
وجاء عن المتقدمين في أبواب الإحترازات من المخاوف والاستشفاء من الأمراض بآيات القرآن ما قد عرف وأثبت في الكتب وجرب فنجع، واختبر فنفع، فكان ذلك أحد الدلائل على أن القرآن من عند الله تعالى جده، ولو لم يكن كذلك لفترت قراءته ولم ينفع.
وأما تقطيع القرآن آية آية، فإنه أولى عندنا من تتبع الأغراض والمقاصد والوقوف عند انتهائها، لما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته آية آية:"بسم الله الرحمن الرحيم" آية، "الحمد لله رب العالمين" آية "الرحمن الرحيم" آية، "مالك يوم الدين" آية، "إياك نعبد وإياك نستعين" آية، "إهدنا الصراط المستقيم" آية، "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" آية في هذا الحديث دلالات: أحدها أن أم سلمة لم تقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءة فاتحة الكتاب آية آية،