حيث أخبر أن جلوس المرأة نصف دهرها لا تصلي نقصان، فكيف يجوز مع هذا أن يقال: الناس يتفاضلون في العمل، ليسوا بمتفاضلين في الدين؟
قال القائل: فإن الله عز وجل شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا: {والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}. فكان الدين يستوي فيه المتقدمون والمتأخرون والملائكة والنبيون والأنس والجان، وهو التوحيد. ثم كانت شرائع الأنبياء عليهم السلام من الاختلاف بحيث لا يخفي، فدل ذلك على أنها شرائع الدين. وأما الدين فهو ما لم يختلفوا فيه.
فيقال له: أخبرنا عن قبول الشرائع إذا شرعت أهو إيمان؟ فإذا قال: نعم!. قيل له: فهل كان على الأنبياء أن يقبل بعضهم شرع بعض مع تفرق أزمانهم وتباعد أعصارهم فلابد من لا، فيقال له: فإن جاز أن يتباينوا وأممهم، فما يلزمهم من قبول الشرائع، ولا يلزم كل واحد أن لا يقبل على نفسه إلا ما شرع له إذا كان نبيا، أو ما شرع لنبيه أن كان من إحدى الأمم، ثم يكون القبول إيمانا ودينا، لم لا جاز أن يتباينوا وأممهم في الإيمان التي هي الشرائع، وتكون الشرائع إيمانا ودينا. فإن قال: إن شرائعهم- وإن اختلفت- فقبول الشريعة معنى واحد، وليست بمعان في الكثرة والاختلاف. فإن كانا ففي المقبول لا في القبول!
قيل له: فما أنكرت أن العمل بالشريعة معنى واحد وليس بمعان، فالكثرة والاختلاف إن كانا ففي المعمول لا في العمل! ويقال له: أخبرنا عن تصديق الأنبياء، إيمان أو غير إيمان؟ فإذا قال ذلك قيل له: أليس على كل متأخر من الأنبياء أن يؤمن بالأنبياء الذين تقدموه، فأما المتقدمون فليس عليهم من المتأخرين فرض إيمان إلا أن يكون أحدهم أخبر أن نبيان كان بعده، فيكون عليه الإيمان بأنه نبي، فأما الإيمان بأنه نبي فأنكر إذا كان هذا هكذا، فقد اختلف حالهم في ذلك فكان على بعضهم من الفرض فيه ما لم يكن على غيره وذلك لا يدل على أن الشرائع ليست من الإيمان والدين.
ويقال له: ما أنكرت أن الدين هو الطاعة، ومعنى الآية: شرع لكم من إلزامكم الطاعة