ولم ينكر عليه اجتهاده وأحداثه ما أحدث مما كان الناس يومئذ على خلافه. فإذا جاز له ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يجوز لعمر رضي الله عنه ما هو دونه بعد وفاته.
فإن قيل: إن معاذًا نسخ أو شرع: قيل: لا نقول واحدًا منهما، ولكنا نقول: إن الذين كانوا يبدأون بما سبقوا به إنما كانوا يصلون منفردين حتى إذا شاءوا الإمام دخلوا في صلاة، وكان ذلك رأيًا رآه من غير أن أمروا به، ولم يكن في سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عنهم أكثر من جواز ذلك لهم.
ثم إن معاذًا رضي الله عنه رأى أنه غير ذلك أحسن منه، وهو الدخول في صلاة الإمام ومتابعته وتأخير القضاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يصلي كان الإنفراد عنه بالصلاة التي هو فيها رغبة عن إتباعه. فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم له هذا الاجتهاد وأمر بقبوله عنه، ولم يجعل اجتهاده في حياته شرعًا في الدين. فأولى أن لا يكون اجتهاد عمر رضي الله عنه مردودًا عليه بأن شرع في الدين والله أعلم.
فصل
وأما وقت هذه الصلوات من الليل، فقد روى عن عمر رضي الله عنه أمر بباقيه، فإنهم في شهر رمضان وكانوا ينامون ربع الليل ويقومون ربعه وينصرفون لربع يبقى منه لسحورهم وحوائجهم.
وفيه وجه آخر وهو أن يؤخر العشاء الآخرة إلى ربع الليل، فإذا صلوها قاموا بعدها ربع الليل بالصلاة ثم رقدوا. يروى عن الحسن رضي الله عنه أنه قال: كان الناس يصلون العشاء في شهر رمضان زمان عمر رضي الله عنه وعثمان ربع الليل الأول، ثم يقومون الربع الثاني، يرقدون ربع الليل، ويحتمل أن يكون تمام ذلك، ثم يقومون لسحورهم وحوائجهم.
وله وجه ثالث وهو أن يقام العشاء الآخرة لأول وقتها، ويرقد من شاء ويقيم من