وقالت المرأة التي نزل بها عامر بن عبد القيس لعامر: ما للناس ينامون ولا تنام؟ قال: إن جهنم تدعني أنام. وقال يزيد الرقاشي رضي الله عنه: إذا نمت فاستيقظت، ثم عدت الثانية في النوم، فلا أنام الله عيني.
وكان عمر بن عقبة بن فرقة يخرج فيركب فرسه في جنح الليل فيأتي المقابر، فيقول يا أهل القبور طويت الصحف ورفعت الأقلام، ولا تستعينون من سيئة ولا تستزيدون في حسنة، ثم يبكي فينزل عن فرسه، فيصف ما بين قدميه، ثم يصلي حتى يصبح. فإذا طلع الفجر ركب فرسه حتى يأتي مسجد حبه، فيصلي مع القوم كأنه لم يكن في شيء مما كان فيه. وكان صلة بن أشم يخرج إلى الجنان فيتعبد، فكان يمر على شباب يلهون ويلعبون فيقول لهم: أخبروني عن قوم أرادوا سفرًا فحادوا النهار عن الطريق وناموا الليل متى يقطعون سفرهم أفكان كذلك يمر بهم ذات يوم، فقال لهم هذه المقالة، فانتبه شاب منهم فقال: يا قوم أنه والله ما يعني غيرنا، نحن بالنهار نلهو وبالليل ننام، ثم اتبع صلة فلم يزل يختلف إلى الجبال ويتعبد حتى مات.
وعن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله قال: كانت امرأة متعبدة من أهل اليمن، فكانت إذا أمست قالت: يا نفس الليلة ليلتك لا ليلة لك غيرها.
فاجتهدت، وإذا أصبحت قالت: يا نفس اليوم يومك، لا يوم غيره فاجتهدت، وقال عبد الله بن مسعود رحمه الله: فضل صلاة الليل على صلاة النهار، كفضل صدقة السر على صدقة العلانية.
وكان عمرو بن العاص رحمه الله يصلي من الليل وهو يبكي ويقول: اللهم أتيت عمروًا مالاً، فإن كان أحب إليك أن تسلب عمرًا مالاً ولا تعذبه بالنار فاسلبه ماله. وإنك أتيت عمروًا ولدًا، فإن كان أحب أن تثكل عمروًا ولده فلا تعذبه بالنار فاثكله ولده. فإنك آتيت عمرًا سلطانًا، فإن كان أحب إليك أن تنزع عنه سلطانه ولا تعذبه بالنار فانزع سلطانه. وكتب معاوية رحمه الله إلى عامل البصرة: أما بعد جاءك كتابي هذا فزوج عامر بن عبد القيس أصلح نساء قومه، وأصدقها من بيت مال المسلمين، فأرسل إلى عامر فقرأ عليه الكتاب، فقال: إني لذائب الخطيئة. فلم يدعه حتى زوجه امرأة