من صلحاء قومه من مال بيت مال المسلمين. فجهزت ثم ذهب بعامر حتى أدخل عليها فقام إلى مصلاه لا يلتفت إليها، حتى إذا رأى تباشير الصبح قال: يا هذه، ضعي خمارك، فلما وضعها قال: أعيدي، ثم قال: أتدرين لم أمرتك أن تضعي خمارك، لئلا يؤخذ منك شيء أعطيت.
وكان عامر رضي الله عنه يقول: ما رأيت كالجنة نام طالبها وما رأيت مثل النار نام بها ربها. فكان إذا جاء الليل قال: أذهبت النار يا قوم فما ينام حتى يصبح، وإذا جاء النهار قال: أذهبت النار يا قوم، فما ينام حتى يمسي. وإذا جاء الليل قال: من خاف أدلج ويقول عند الصباح: يحمل القوم السرى. وكانت رابعة العدوية إذا جاء الليل تقول: هذه ليلتي أمرت فيها، فما تنام حتى تصبح، وإذا جاء النهار: قالت: هذا يومي الذي أمرت فيه فما تنام حتى تمسي. وإذا جاء الشتاء لبست الرقاق ليمنعها البرد من النوم.
وقال الحسن رحمه الله: حضر رجل من الصدر الأول فبكى واشتد بكاؤه، فقالوا له رحمك الله} إن الله غفور رحيم {فقال: إني والله ما تركت بعدي شيئًا أبكي عليه إلا ثلاث خصال: ظماء هاجره في يوم تعبد ما بين الطرفين، أو ليلة يبيت الرجل تراوح ما بين جبهته وقدميه، أو غدوة أو روحة في سبيل الله.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: بت عند الحجاج بن القرامضة إحدى عشرة ليلة فلا أكل ولا شرب ولا نام. وكان بمكة مملوك يقال له صهيب يكاتب مولاته، تقول له: لا تدعنا ننام، فيقول لها: إنما لك نهاري وليس لك ليلي، إني إذا ذكرت النار طار نومي وإذا ذكرت الجنة اشتد شوقي، وقال عبيدة بن هلال الثقفي: لا تشهد على يمين تأكل أبدًا ولا يشهد على ليل يقوم أبدًا، فأقسم عليه عمر رضي الله عنه في الأضحى والفطر أن يفطرهما. وقال الأوزاعي رحمه الله: بلغني أنه من أطال قيام الليل خفف الله عنه يوم القيامة. وقال طلحة بن مصرف: بلغني أن العبد إذا قام من الليل للتهجد ناداه ملكاه: طوبا لك سلكت منهاج العابدين مثلك. وقال يزيد الرقاشي رحمه الله: بطول التهجد