تقر عيون العابدين ويطول الظمأ تفرح قلوبهم عند لقاء الله. وجاء أن تميم الدارمي رحمه الله نام ليلة لم يقم فيها، فقام سنة لم ينم فيها عقوبة لنفسه بتلك الليلة.
وكان سليمان التيمي عامة دهره يصلي العشاء والصبح بوضوء واحد. وما من وقت صلاة إلا وهو يصلي فيه. وكان يسبح بعد العصر إلى المغرب، ويصوم الدهر. وسقط بيته فلم يبنه، وضرب خيمة وسط داره، فكان فيها حتى مات. وطوى فراشه أربعين سنة ولم يضجع جنبه بالأرض عشرين سنة وكان يطلب الحديث، فقدم على الأعمش، فخرج الأعمش في ساعة كان سليمان يصلي فيها فأقبل على الصلاة ولم يلتفت إلى الأعمش، وذكر مؤذن مسجده قال: صلى سليمان التيمي إلى جنبي بعد العشاء الآخرة، فسمعته يقرأ:} تبارك الذي بيده الملك {. فلما أتى على هذه الآية} فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا {. جعل يرددها حتى خف أهل المسجد فانصرفوا، فخرجت وتركته، وعدته لأذان الفجر فنظرت فإذا هو في مقامه، فسمعت، فإذا هو فيها لم يجزها وهو يقول:} فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا {.
وكان لأبي مسلم الخولاني سوط يعلقه في مسجده، فإذا كان السحر فنعس أو مله أخذ السوط فضرب به ساقيه، ثم قال: لأنت أولى بالضرب من شرار الدواب، وكاووس يفترش فراشه ثم يضطجع فيتقلى كما تتقلى الحبة على المقلى، ثم يبيت ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طير حر جهنم نوم العابدين.
وقيل لفقرة العابدة: بلغنا أنك لا تنامين الليل فبكت ثم قالت: ربما اشتهيت أن أنام فلا أقدر عليه. وكيف ينام ويقدر على النوم من لا ينام عليه حافظاه ليلاً ونهارًا فأبكتني وقلت في نفسي: أراك في شيء وأراني في شيء، ويعبد رجل من بني تميم، فكان يحيي الليل بالصلاة، فقالت له أمة يا بني لو نمت الليل شيئًا فقال: ما شئت يا أماه، إن شئت أن أنام الليل وأجهد غدًا في الآخرة، وإن شئت لم أنم الليل لعلي أستريح غدًا. قالت: يا بني والله ما أردت لك إلا الراحة، فراحة الآخرة أحب إلى من راحة الدنيا،