للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله} علم به أن المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم هم الذين يجاهدون في سبيله فيقتلون ويقتلون. وهم بهذه الصفات، ثم لا يعلم بهذا حد واحدة من هذه الخصال ولا حقيقتها.

وهكذا كل من سماه الله عز وجل في كتابه باسم مشتق من فعل أو حكي عنه فعلا بالاسم الموضوع لتعريفه، فإن ذلك يدل على وجود ذلك الفعل منه، ولكنه إذا احتج إلى علم حقيقة ذلك الفعل وحده، لم يستفد من قبل تلك القسمة، ولا من جهة تلك الحكاية.

ولذلك إذا أخبرنا الله عز وجل أو الرسول أن المؤمنين كلهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله، علم بخبره أن الإيمان حقا قد كان منهم، ولكن ذلك لا يكشف عن حقيقة الإيمان وحده، ولا ينبي عن أنهم ماذا قالوا له فعلوا، فأصرف أخبار الله تعالى عنهم بالإيمان إليه، وإذا آل الأمر إلى التحديد، فإنما يحده بما قام الدليل عليه عنده، ثم لا يضاف من ذلك إلى هذه الآية شيء. فقد بان لك أنك الفراء من هذه الآية.

ويقال له: ما أنكرت أن هذه الآية إلى أن تكون حجة عليك أقرب منها إلى أن تكون حجة لك! لأن الله عز وجل كما نعت المؤمنين بأنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله، فكذلك نعتهم بأنهم قالوا: سمعنا وأطعنا ولم يكن يمدحهم بكذب قالوه، فصح أنهم لم يقولوا، وأطعنا، إلا أن الطاعة لما سمعوا قد وجدت منهم. وهم لم يكونوا سمعوا فرض الاعتراف في هذه الآية دون الشرائع من الأوامر والنواهي، فعلمنا أن الطاعة لما سمعوا قد وجدت منهم، وثم لم يكونوا في عامة هذه المسموعات، كانت قد وجدت منهم. فغنما أخبر الله تعالى عنهم بالإيمان، وسماهم مؤمنين بهذه الخصال، فهذه الخصال كلها لا لشيء منها دون شيء، بأن بذلك أن الطاعات كلها إيمان والله أعلم.

ويقال: أليس قد أخبر الله عز وجل عن الرسول وعن المؤمنين أنهم قالوا: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. ربنا لا تؤآخذنا إن نسينا أو أخطأنا} كما أخبر عنهم أنهم آمنوا به وبملائكته وكتبه ورسله، فما أنكرت أن هذه الأقوال والدعوات كلها إيمان منهم إذ كان إنما سماهم مؤمنين لما أخبر عنهم بأنه كان منهم، وقد أخبر عن

<<  <  ج: ص:  >  >>