عبادة أشغل للجوارح منها. فإنه ليس في الصيام إلا الكف عن الطعام والشراب والمباشرة ولا في الزكاة إلا دفع مال إلى مستحقه، ولا في الحج إلا أشياء معلومة وكف عن أشياء معلومة وأما الصلاة فإن مبناها على الخشوع لظاهر البدن وباطنه، فإن من حق الصلاة أن لا يشغل المصلي قلبه بغيرها، فيها فناؤه ينتشي عندما صلى، وباؤه يستكلم، فيدعو عنده كوامنه، أو يفارق مصلاه، ويدخل بيته، أو يستدبر القبلة أو يقوم في موضع القيام، أو يتشهد في وقت القراءة، ويقرأ في وقت التشهد. فإن كان هذا مضى، وللصلاة يخالف لها، ثبتت عليه ومن حقها أن يسكن المصلي يده فلا يعبث، ويلزم قصد وجهه، فلا يلتفت ولا يستمع إلى كلام متكلم، فربما اختلفت القراءة عليه، وربما التفت بعض ما يسمعه فقاله. ولا يحدث نفسه في الصلاة فربما ذكر أمرًا فضحك منه، وربما يذكر ما يعمله فاضطربت صلاته عليه. ولا يستكثر من الإشارات في صلاته فيقضي حوائجه بها وهو في الصلاة. ولا يفرقع أصابعه، ولا يلبس في صلاته ثوبًا ولا يضع عن نفسه ثوبًا من غير ضرورة. وإذا أراد أن ينزعه أو ينتجم، فلا يرمي به نحو القبلة، وليأخذ ذلك بطرف ثوبه إن جاء في مسجد. فإن كان في موضع يقدر على قذفه فيه برفق قذفه وكل ذلك داخل في قول الله عز وجل:} قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون {.
ووردت في هذا الباب أخبار: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا كان أحدكم في صلاته فلا يبزقن أمامه فإنه مستقبل ربه). وروى أنه قال:(إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يستقبل ربه والملك عن يمينه، فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه وليبزق عن يساره) وعنه صلى الله عليه وسلم أن فصل: (إذا قام في الصلاة فالتفت، قال له الرب: ابن آدم أقبل إلي. فإن التفت الثانية قال له الرب: ابن آدم أقبل إلى فان التفت الثالثة قال: أو الرابعة قال له الرب: لا حاجة لي فيك) وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن المصلي ليناجي