وسننها وهيئاتها وآدابها دليل الحرص على العبادة والحث والاغتنام لما شرع وسهل السبيل إليه منها. ولكل ساع عند الله سعيه، فمن أساء السعي فعلى نفسه جنى، ومن أحسنه فبمثله يجزى وبالله التوفيق.
ومنها أن لا ينفرد بإقامة الفرائض في بيته، لكن يقيمها مع الجماعة في المساجد لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله:(إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان). قال الله عز وجل:{إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر}. ولأن المساجد إنما تبني لأجل الصلاة والذكر. قال الله عز وجل في بيوت الله:{أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تليهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}. وثبت لها لذلك من الحرمة ما تتميز به عن سائر البيوت، وهو أن لا يحل للجنب أن يلبث فيها، وإن الاعتكاف فيها يصح وفيما سواها لا يصح، وأن من جعل داره خرج من ملكه فلا ينفذ فيها بعد ذلك تصرفه، وإن مات لم يورث عنه. فلذلك يجب لها على المسلمين من الجواز ما لا يجوز لهم تعطيلها وتخريبها إذا تركوها ولم يصلوا فيها، لم يعثوا بخرابها ولم يعمروها. وهو سوى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله:(صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد تسعًا وعشرين درجة). والصلاة جماعة أفضل وإقامتها أفضل لما ذكرت من الحديث في كل واحد من الأمرين والله أعلم.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(صلاتك مع الرجل أزكى من صلاتك وحدك، وصلاتك مع الرجلين أزكى من صلاتك مع رجل، وما كان أكثر هو أحب إلى الله عز وجل).
فإن قيل: كيف يجوز أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان) ويستدل على ذلك بقول الله عز وجل: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله