بيوتهم) وقد قيل، إنما قال ذلك لأنه لم يكن يتخلف عن الصلاة خلفه بالعلل الداحضة إلا المنافقون، وهم لا صلاة لهم بالحقيقة. فإن أحرقت بيوتهم كانوا لذلك أهلًا.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم ما يبين أنها فرض وليست بفرض، وهو قوله (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة). وهذا يحتمل أن يكون، على أن فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات لم يدعهن: ركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء، فأما الوتر فإنه لم يذكرها لأنها من صلاة التهجد، ولعله علم أنه كان يدعو في الشهر لذلك. روى عنه نفسه أنه كان لا يوتر في السفر، يقول: لو كنت منتقلًا لأتممت، فإذا ضممت بالعشر ركعات إلى السبع عشرة كانت صلاة اليوم والليل، فرضها ونفلها سبعًا وعشرين ركعة. فإذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن كل صلاة أقيمت جماعة كصلاة يوم وليلة إذا أقيمت لا في جماعة.
ويحتمل ذلك وجهًا آخر وهو أن يكون إشارة إلى الفوائد التي تعود على المصلي في الجماعة، لأجل اجتماعه مع الناس على الصلاة، فيكون منها آمنه من السهو عن بعض أركان الصلاة، والشك في أنه ركع أو لم يركع، وسجد سجدة أو سجدتين وصلى ركعة أو ركعتين. ومنها أن الصلاة في الجماعة إظهار للدين وليس إظهاره كإخفائه. ومنها أن الشغل في صلاة الجماعة أكثر منه في الانفراد، ولولا ذلك لما يجري المتخلف عن الجماعة بتخلفه عنها تخفيفًا عن نفسه، والشغل بالعبادة عبادة.
ومنها أن الكاره لا تفوته الجماعة: أما أن يلزم المسجد منتظرًا الصلاة فذلك في حكم الصلاة وهو له عبادة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أن أحدكم في الصلاة ما دام ينتظر الصلاة).
وأما أن يتردد إلى المسجد في الظلمة مرة وفي الضياء أخرى والحر الشديد والبرد الشديد ومقاساة العناء في العبادة عبادة.