فكانت صلاته بذلك تامة لا نقص فيها ولا خلل، إذ الركوع والسجود صلاة، وإحسانهما إحسان صلاة، وقال عز وجل:{ومن تقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا} لا يدل على أن العمل الصالح ليس من جملة القنوت لله ورسوله. فكذلك قوله عز وجل:{ومن يؤمن بالله ورسوله} لا يدل على أن العمل الصالح ليس من الإيمان. وأما قوله عز وجل. {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن} يعملها لأنه قد يعمل العمل الصالح في نفسه من لا يكون بفعله إياه مؤمنا، وأن إعتاق العبد والصدقة على الفقير عملان صالحان بأنفسهما، لأن الكافر إذا عملها لم يكن بفعله إياها مؤمنا. وهذا كما يقال: من يركع ويسجد وهو مصل فله كذا، فيراد به أن يكون ركوعه وسجوده صلاة، ويكون المعنى: وهو مصلي بفعلهما، فكذلك هذا والله أعلم.
فأما قوله: لا يجوز أن يكون شرط صحة الشيء هو الشيء نفسه! فجوابه أن يقال له: إن كان كذلك، لا يجوز! فأنت القائل بما لا يجوز والداخل في معناه، كان الإيمان شرط لصحة الصالحات. ولا خلاف في أنه بنفسه من الصالحات فقد صار شرط صحة الشيء نفسه باتفاق!
فإن قال: لا! قيل له: فقل: إن الإيمان ليس من الأعمال الصالحة كما قلت أن الأعمال الصالحات ليست من الإيمان. وإن جاز ذلك أن يقول: إن الإيمان من الصالحات، وإن كانت الآية واردة بلفظ يوجب ظاهرها، أن يكون الإيمان شرط الصالحات، فيكون ما شرط من الإيمان لصحة الصالحات من الإيمان. فتجعل الصالحات وما شرط لصحتها من الإيمان شيئا واحدا، ولا فصل بين القولين.
ويقال له على كلامه في هذه الآيات كلها: أنكرت أن جميعها واردة في الإيمان بالله ورسوله. ولسنا ننكر أن الإيمان بالله ورسوله ما ذكرت. ولكن وراء ذلك إيمانا لله ورسوله، ووجوب أحد الإيمانيين لا يمنع وجوب الآخر. وكذلك استحقاق أحدهما اسم الإيمان لا يمنع استحقاق الآخر اسمه. فما أنكرت أن الطاعات كلها تستوجب اسم الإيمان لله ولرسوله، وإن كانت لا تستوجب اسم الإيمان بالله. فإن معنى قول الله عز وجل:{ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا} أي ومن يؤمن بالله ويؤمن له. ومعنى {فمن يعمل من الصالحات وهو