للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمن}. أي فهو مؤمن لله، وقد قدم الإيمان به. ومعنى: {لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}. ذلك إيمانا لله ورسوله. ويكون الدليل على ذلك ما تقدم بحقيقة من هذا المعنى في الباب الأول والله أعلم.

ويقال له: هل يجوز أن يكتسب الكافر من كفره شرا يكون ذلك في زيادة كفر منه مثل: أن يكون كافرا بنبي فيجحد نبوة نبي آخر! ويكون جاحدا للنبوات فيحدث شبها لله بخلقه! فإذا قال: يجوز. قيل: لم لا جاز أن يكتسب المؤمن في إيمانه خيرا يكون ذلك إيمانا فيزداد بذلك إيمانه، وما الفرق؟

ويقال: أليس أصحابك قد حملوا ما جاء من القرآن في زيادة الإيمان على أحد معنيين: أما زيادة اليقين، وأما تكرير الإقرار. فبما تقول فيمن كان له في إيمانه فضل استدلال على صحة دينه، وقوى بذلك يقينه أو كرر الإقرار؟ ليس كل واحد من الأمرين خير كسبه في إيمانه، وهو في نفسه إيمان. فما أنكرت أن يكون ذلك الخير الذي أراده الله تعالى بقوله: {أو كسبت في إيمانها خيرا} إيمانا إذ قد ظهر أن تسمية الله تعالى الفعل الواقع في الإيمان خيرا مكتسبا في الإيمان، لا ينفي أن يكون ذلك الخير إيمانا، وهذا كقبول الشرع بعد الشرع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعد صحة الإيمان به كان كسب خير في الإيمان، وكان بنفسه إيمانا، فلا ينكر أن تكون كل عبادة وطاعة كذلك، والله أعلم.

قال الرجل: والأشياء تعرف بأضدادها، والكفر الذي هو ضد الاسم التصديق لا غير! فيقال له: أن هذه العبادة ليست من كلام أهل التحقيق وهي خطأ، لأن الأشياء تعرف إما ضرورة، وإما بالدلائل الدالة عليها. فإما أن يقال: إن كل شيء فإنما يعرف بضده، فهذا يوافق إلى أن لا يعرف شيء من المتضادات قط، لأن الإيمان إذا كان يعرف بالكفر، ويجب أن تسبق المعرفة بالكفر، وتتأخر المعرفة بالإيمان، إلى أن يقابل بالكفر فينظر ما الذي تنتجه تلك المقابلة، فيعتقد، وفي هذا ما أبان سقوط هذا الكلام، إذ كان ذلك يؤدي إلى أن لا يعرف إيمان ولا كفر أبدا وبالله التوفيق.

ويقال له: زعمت أن الكفر لما كان الجحود، ووجب أن يكون الإيمان الذي هو ضد

<<  <  ج: ص:  >  >>