للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهر رمضان، ثم أشار إلى معناه، فقال: {الذي أنزل فيه القرآن}. ومعنى أنزل القرآن فيه: بأنه ينزل في كل ليلة قدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ما ينزل إلى مثلها من الغمام. ثم كان جبريل عليه السلام ينزله تخوفًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم طول السنة، فأنزل القرآن كله من اللوح إلى بيت العزة في عشرين ليلة من عشرين سنة، بهذا جاءت الرواية والله أعلم.

وشهر الصوم له أسماء: احدها شهر رمضان. وقد جرت العادة بأن لا يقال رمضان كما يقال رجب وشعبان، وإنما يقال: "شهر رمضان" والآخر: شهر الصبر، والثالث حطة، والرابع: سيد الشهور.

وأما قولهم، شهر رمضان، فلأن الله عز وجل، هكذا ذكر في كتابه. وأغلب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذكره فعلى هذه الصفة. ويقال: أن من السلف من كان يكره أن يقال: جاء رمضان، وذهب رمضان، ويقول: لا يدري، لعل رمضان اسم من أسماء الله تعالى، تأويل هذا القول يلزمه أن يقول في رجب وشعبان وشوال وصفر مثل قوله في رمضان وإلا فهو متناقض واشتقاق الاسم يدل على أنه لا يجوز بأن يكون من أسماء الله تعالى، لأنه من الرمض، وهو القلق من شدة الحر. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، وعن أصحابه لذلك مجردًا عن ذكر الشهر، لكن الأغلب أنهم لم يذكروه إلا مفردًا باسم الشهر تحريًا لموافقة الكتاب، وهو قول الله عز وجل {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}. وليس معنى قول الله عز وجل "شهر رمضان" أن في ذكره رمضان بلا شهر، معنى من معاني القبح، وإنما هو أن الله عز وجل ذكر أنه كتب علينا الصيام أيامًا معدودات، وما دون الشهر يلحقه هذا الاسم. فلما أراد أن يبين أنه شهر كامل فعرفنا أي شهر هو، قال: "شهر رمضان" ليعلم تلك الأيام المعدودات ليست بمطلقة، ولكنها من شهر مخصوص. وأن ذلك الشهر مستوفي الإقتصار على بعضه غير جائز. وليس هذا ما يمنع من أن يقال: رمضان من غير أن يذكر الشهر معًا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>