يحتاج إليها وقربة وبرًا، فإن لم يكن هناك حدث يرفعه أو العتق، وما ذكرنا معه كفارة لم يحتاج إليها وبرًا لا كفارة إذا لم يكن هناك ما يكفر، وإن لم يكن، فإنما هي درجات يريد الله فيها من يشاء، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كذلك. وصيام عاشوراء كذلك أن صادق سيئات سنن كفرها، وإن لم يجد فإنما هو فضل يرفع الله درجات من يشاء.
وصيام عرفة أن صادف سيئات سنين رفعها، فإن لم يجد فإنما هو فضل يزيد الله فيه درجاته ما يشاء. فإنما أريد بالحديث أن كل عبادة من هذه العبادات فلها هذا القدر في هذا المحل، فإن أنفق أيامًا يكفرها، وإلا فهي حسنات تزاد ودرجات ترفع والله أعلم.
وينبغي للحاج أن لا يصوم يوم عرفة بمعرفة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة. ومعنى ذلك أن يتقوى بالفطر على الوقوف الذي من مناسك الحج، وإنما فضل هذا اليوم بالنسك، فما أضعف عنه لم يكن لاستجابة فيه معنى.
وفي هذا الباب صيام تسعة من أوائل ذي الحجة. روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صام العشر قط، ومغنى ذلك عندنا نه كان يفطر فيها ليجد في العمل. فقد روى عنه:(ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من أيام العشر). فيحتمل أنه كان يستكثر فيها من الصلوات وقراءة القرآن ليلاً ونهاراً. فلذلك نزل صيامها كما نزل صيام يوم عرفة بعرفة، لأجل الوقوف والدعاء، فمن كان غافلاً مثل ذلك فليفطر. ومن لم يفطر عليه، فالصيام فيه عمل، فهو أحب إلى الله تعالى أن يتقرب العبد إليه به، من أن يكون معطه والله أعلم.
فصل
وينبغي أن يعلم من أصول الصيام أن فيه الكراهية كما فيه الاستحباب، وفيه التحريم كما فيه الإيجاب، فصيام شهر رمضان واجب، وصيام العيدين وأيام التشريق حرام ولا ينعقد فيهن صيام. وجاء في إجازة صيام أيام التشريق للمتمتع بالعمرة إلى الحج خير.