وبيان ذلك في كتب الأحكام. وصيام الاثنين والخميس مستحب، وصيام الجمعة وحده، أو صيام السبت وحده مكروه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة وحده. لا ومعنى ذلك والله أعلم: أنه إذا حضر فإنما يقصد ما فيه من المعنى الذي هو مختص به، وليس ذلك إلا أنه يوم عيد. وليس حق العيد أن يصام، أو يقال: أن ذلك العيد تعطيل للجماعات كلها للرواح إلى المسجد، والاجتماع فيه لسماع الخطبة والصلاة والتكبير إلى الجمعة أفضل من التهجد. وقد جاءت الأخبار بالحث عليه والأمر بالمسارعة إليه، ومن بكر فإما أن يصلي وأما أن يقرأ، وكل ذلك يدل على طول الشغل. فينبغي أن يستعان عليه بترك الصيام كما قلنا في يوم عرفة.
قال إبراهيم: إنما كرهنا صوم يوم الجمعة فلتبقوا على الصلاة، وأما صوم يوم السبت وحده، فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا تصوموا يوم السبت إلا ما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغه). ومعنى ذلك: إن الصيام إمساك، والإمساك عن الإشغال والأعمال في هذا اليوم عادة اليهود، فلا ينبغي أن يشاكلوا في شيء من صنيعهم الذي لم يشرك بيننا وبينهم فيه.
وأما إذا صام صائم الخميس والجمعة، أو الجمعة والسبت، أو السبت والأحد فلا كراهية، لأن تخصيص اليوم بقصد صيامه دون ما سواه إذا زالت الكراهية بزواله.
وفي هذا الباب ما جاء عن علي رضي الله عنه: أنه كره قضاء رمضان، وأحب إلى الله عز وجل منه في غيرها. والآخر أن يكون كرهه لمن أن عليه من قضاء رمضان أكثر منها، لأن لا يتفرق القضاء عليه، فإن المتابعة أولى به، وإن كان تقديمه جائز. والثالث أن يكون كره تأخير القضاء إليها، فإن القضاء فيها منع من صيامها لنفسها. وقد جاء عن عمر رضي الله عنه في قضاء رمضان تطوعًا لما فاته منها، خلاف ما جاء عن علي رضي الله عنه. فقد يجوز أن يقال أنه إذا لم تكن أيام العمل فيه أحب الله عز وجل من هذه الأيام، وكان القضاء عملاً، فوضعه فيها أحسن منه في غيرها. ولكن ذلك لا يكون إلا بترك صيامها لقضائها وليس ذلك بما يكره، وإن كان الصوم مستحبًا. لأن صيامها لا فرض ولا سنة وإنما هو تطوع والله أعلم.