شرائعه، فهو إيمان. فينبغي أن يدل على أشياء من ذلك ليس بإيمان، لا على أن ما ينتهي به عن الكفر إيمان، وعلى أن جوابنا في الكافر إذا كان جمع بين أصل الكفر وفروعه من السيئات والمعاصي، أن أنهاه عن أصل الكفر يكون بأصل الإيمان، وعن فروعه بفروع الإيمان.
وقد جاء أن رجلا قال:(يا رسول الله! أيؤاخذ الله أحدا بما عمل في الجاهلية؟ فقال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر). وقد مضى شرح معنى هذا الحديث فيما تقدم وفي هذا بيان أن ما قدره من أن الإيمان إلا ما ينتهي به عن أصل الكفر غير ثابت له، والله أعلم.
ويقال له: أن الكافر إذا أسلم لم تزدحم عليه العبادات كلها فور إسلامه. فإن كان اعتقاد إقراره إيمانا كافيا في ذلك، فلأنه لا أمر متوجه عليه فيه. وقد يؤمن الأخرس بالاعتقاد وحده لأن فرض الإقرار لا يتوجه عليه، ثملا يدل ذلك على أن لسانه لو أطلق لم يلزمه الإقرار، ولم يكن منه إيمانا. فكذلك الجامع بين الاعتقاد والإقرار يكون مؤمنا بهما، وذلك لا يدل على أن وقت الصلاة إذا دخل فصلى لم يكن ذلك منه إيمانا والله أعلم.
قال الرجل: فإن احتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" قبل الاحتجاج بهذا الخبر. لأن في نفس الخبر ما يمنع من قبوله، وهو أنه قال:"الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة" ولا يحتمل أن يشك رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدد شعب الإيمان. فهو في الراوي، ولا يجوز إثبات دين الإسلام بخبر شك الراوي في متنه، وإن صح الخبر لم يكن لهم فيه حجة من وجوه:
أحدهما: أن الخبر سمى كل شيء شعبة الإيمان، وهم يسمون كل شيء منها إيمانا، ويدعون على كتاب الله أنه جاء بتسمية الصلاة إيمانا بزعمهم، ورسوله صيرها شعبة إيمان،