فهو خلاف. والله تعالى يقول:{ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا من باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين}. فلا يجوز أن نخالف الرسول ولا نغير عليه. قال: والخبر جعل شهادة الإخلاص شعبة من الإيمان، وجعل غيرها أحوالها، وهم جعلوا هذه الشهادة وغيرها أغيارا لها. والخير جعل الإيمان اسما لبضع وسبعون، فلا يجوز تسمية الواحد من السبعين باسم الإيمان والصلاة واحدة من تلك الجملة، ولا يجوز أن يطلق عليها اسم الإيمان. فبطل الاحتجاج بالخبر.
فيقال له: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك في شعب ولا يخفى عليه عددها، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أحد أنه قال:"الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة" وغنما هذا يشكل من بعض الرواة، ولئن كان أحدهم شك، فقد روي غيره قطعا من غير شك أنه قال:"الإيمان بضع وسبعون بابا" وأكثر الروايات على هذا فلا يجوز تعطيلها والإعراض عنها لشك عرض لغيرهم وفيها، ولو أن رجلا أقام شهودا على رجل بمال. فقال أحدهم: له عليه ألفان أو ألف درهم، وقطع الآخرون بأخذ العددين لم ترد شهادة القاطعين لشك الذي شك من بينهم، فلم تقطع بما قطعوا به، فكذلك هذا.
وأما قوله: أن الخبر سمى الطاعات شعب الإيمان، وأنتم تزعمون أن كل شعبة منها إيمان.
فجوابه: أن شعبة الإيمان إيمان، كما أن شعبة العبادة عبادة، وشعبة الطاعة طاعة، ولو قال قائل: العبادة كذا وكذا شعبة، فعدد الصلاة والطهارة والزكاة والصيام والحج والجهاد وسائر ما يعبد الله به خلقه مائة مائة حتى أتى على آخرها. ثم قال هذه شعب العبادة لم يمنعه ذلك من أ، يقول لكل واحد منهما: أنها عبادة. ولو قال: هذه شعب الطاعة، لم يمنعه ذلك من أن يقول لكل واحدة منهما أنها طاعة. ولو قال: هذه شعب الشريعة لم يمنعه ذلك من أن يوق لكل واحدة منهما أنها شريعة. أو قال: هذه أحكام الله وأوامره ونواهيه، لم يمنعه ذلك من أن يقول لكل شيء بعينه أنه حكم الله، أو أمره، أو نهيه. فلذلك إذا قال: أنها شعب الإيمان لم يمنعه ذلك من أن يقول لكل واحدة أنها إيمان. وقد يقول القائل: الصلاة خمس، فعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء